الأمر الثاني: أن تعلم أن الله جل وعلا طيب لا يقبل إلا طيباً، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر:١٠].
والجسد إما أن ينبت من طعام حلال ومال مباح، وإما أن ينبت من سحت محرم، فإن بُني على محرم فقد قال صلى الله عليه وسلم:(أيما جسد نبت على السحت فالنار أولى به)، وإن بني على المباحات فإن الجنة أولى به، فإذا أنفق تقبل الله منه، وإذا غدا أو راح تقبل الله جل وعلا منه.
فعلمك بربك أنه طيب لا يقبل إلا طيباً يجعلك تحرص - إن كنت تريد أن تكون عبداً صالحاً - على أن يكون مطعمك ومشربك ومأكلك وملبسك من الحلال، وتتوخى الطرائق الشرعية التي ينجم عنها الرزق غير مبال بكسب الناس وعلو درجاتهم في الدنيا، فإن أي جسد بني على السحت فالنار أولى به.
أمر الله النبيين بما أمر به الناس، وأمر الناس بما أمر به النبيين، قال الله تبارك وتعالى في حق المؤمنين:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}[البقرة:١٧٢]، وقال في حق النبيين:{كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}[المؤمنون:٥١]، فأمر بالأكل من الطيبات حتى تنبت الأجساد على حلال.
والجسد إذا بني على حلال كانت دعوته مجابة، وأينا لا يفتقر إلى الدعاء؟ قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:(يا نبي الله! ادع الله أن يجعلني مجاب الدعوة.
قال: يا سعد، أطب مطعمك تجب دعوتك).
فالإنسان إذا كان مطعمه حلالاً طيباً كان دعاؤه مقبولاً، يمشي ويغدو في رضوان الرب تبارك وتعالى.