مما جاء به هذا النبي الخاتم بر الوالدين، وبر الوالدة على وجه الخصوص من أعظم أسباب التوفيق.
ومن أعظم الأسباب التي ينال بها العبد غاياته ويحقق بها المرء مطلوبه أن يكون باراً بوالديه جملة وبأمه على وجه الخصوص، قال الله تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}[الإسراء:٢٣].
فمن رزقه الله جل وعلا حناناً على والديه وشفقة على أبويه فهذا الموفق، ولما أنطق الله عيسى بن مريم في مهده وهو نبي الله قال:{إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ ?وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا}[مريم:٣٠ - ٣١] ثم قال: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}[مريم:٣٢ - ٣٣].
والغاية أن النبي الخاتم بين أن بر الوالدة من أعظم أفعال الخير، وفي المسند بسند صحيح:(أنه جاءه رجل يشكو ذنوبه فقال له صلى الله عليه وسلم: ألك والدة؟ قال: لا.
قال: ألك خالة؟ قال: نعم.
قال: فبرها) فجعل صلى الله عليه وسلم بر الوالدة أو بر الخالة مطية لتكفير الذنوب وستر العيوب وتحقيق الفوز من لدن علام الغيوب جل جلاله.
من هديه صلى الله عليه وسلم أنه حذر أمته من الشهوات، قام عليه الصلاة والسلام ذات ليلة كما في الصحيحين من حديث أم سلمة فزعاً يقول:(سبحان الله ماذا أنزل الله الليلة من الفتن، سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الخزائن، من يوقظ صواحب الحجرات لكي يصلين، رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة).
فذكر صلى الله عليه وسلم التحذير من الفتن ودعا إلى صلاة الليل والفرار من رق الشهوات، وما من أحد إلا سيوسد في الترب وتحل عنه أربطة الكفن وسيواجه عمله إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
هذا أيها المباركون ما تيسر إيراده وتهيأ قوله، وإن كان قد بقي شيء من الوقت، والأفضل أن يترك لأسئلتكم، فأحياناً يكون في الإجابة على الأسئلة حل لما يبتغيه الناس ويرتضونه، هذا والله تعالى أعز وأعلى وأعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.