[حرص جميع الأنبياء على التحذير من فتنة المسيح الدجال]
وهذا التمهيد لابد منه حتى يجلو لكل أحد لماذا حرص أنبياء الله ورسله من لدن نوح إلى نبينا عليه الصلاة والسلام على تحذير أممهم من فتنة الدجال، قال صلى الله عليه وسلم:(وما من نبي إلا وحذر أمته منه).
وهذا التمهيد نزدلف به إلى ما يلي: أن الله جل وعلا وحده من بيده الهداية، فلا يقدر أحد على صرف المحن، ولا يثبتك عند الفتن إلا هو، ولا يرزقك الثبات في الدنيا والآخرة إلا هو، فما يقوله العلماء والمرشدون والوعاظ من أساطين البيان وأمراء الألفاظ يبقى هباء منثوراً، بل قد يكون نقمة إن لم يكتب الله جل وعلا لذلك الكلام نفعاً وأثراً في قلبك، قال الله جل وعلا حكاية عن نوح مع قومه:{قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ * وَلا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[هود:٣٢ - ٣٤].
فلا يمكن لقلب أن يتعظ إلا إذا أراد الله جل وعلا له أن يرزق الموعظة الحسنة، بصرف النظر عمن خاطبه، فنحن لا نقول إلا كلاما ً مكروراً سطره العلماء وردده الوعاظ، ونعيده في جيلنا، ويعيده غيرنا في جيله، والهداية الحقة والخاصة بيد الله تبارك وتعالى، نسأل الله أن يجعل ما نقول ونسمع حجة لنا لا علينا.
على هذا نزدلف أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم حذروا أممهم من الفتن، ولما كان الدجال أعظم صاد عن دين الله عظم تحذير أنبياء الله ورسله من هذه الفتنة.