ثم ذكر جل وعلا بعد ذلك الخصومة التي كانت بين نبيه صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش، فإنهم اعترفوا أول الأمر بأن الله هو خالقهم ثم قالوا: إن الله غير قادر عن أن يبعثنا، فقال الله جل وعلا:{أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}[ق:١٥] وهم موافقون على أننا قد خلقناهم أول مرة، لكن اللبس الذي في قلوبهم والشك الذي في صدورهم إنما هو ناجم عن إعادة البعث والنشور.
قال الله جل علا مجيباً العاص بن وائل لما أخذ عظاماً بالية ووضعها في كفه ثم نفثها في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: أتزعم يا محمد أن ربك يعيد هذا بعد خلقه؟ قال الله مجيباً له:{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ}[يس:٧٨ - ٨١] آمنا بالله الذي لا إله إلا هو.