للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خروج يوسف من السجن وجعله على خزائن الأرض]

فلما قالها خرج يوسف صلوات الله وسلامه عليه بعد أن نطق النسوة ببراءته, فلما خرج {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف:٥٥].

فإنه يحسن بذوي الهيئات من المؤمنين وذوي القدرات من المتقين أن يتبوءوا أماكن ومنازل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً, وأن تكون الأمور بيد المتقين الأخيار, خير من أن تكون بيد غيرهم ممن ربما يمنع طاعة أو يمنع دعوة أو يكون ما يكون منه على خلاف صراط الله المستقيم.

{قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف:٥٥] فوافق الملك, فقال الله العزيز العليم: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف:٥٦].

وحتى لا يتعلق الناس بالدنيا قال الله جل وعلا بعدها: {وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يوسف:٥٧]، فما لقيه يوسف من الوزارة والملك والحكم ليس بشيء أمام ما هيأه الله جل وعلا له في الآخرة وما أعد له في جنات النعيم.

على الجانب الآخر, كان يعقوب عليه الصلاة والسلام تصله أخبار أن ثمة ملك في أرض مصر أوكلت إليه خزائن الأرض وأنه يقوم بها على أحسن حال, وأن مجاعة دبت هاهنا وهناك في أرض كنعان وأرض مصر على السواء بعث بنيه, فلما بعث بنيه استبقى بنيامين عنده؛ لأنه كان يجد في بنيامين رائحة أخيه من قبل؛ لأن يوسف وبنيامين كانا شقيقين.