[اقتفاء رسول الله أثر إخوانه الأنبياء في تسمية الحسن والحسين]
وبعد ذلك بفترة غير بعيدة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة أحب بناته إليه، وكان يقول كما في البخاري وغيره:(فاطمة بضعة مني)، ولذلك لما أراد العلماء أن يعرفوا بـ فاطمة -كما فعل الذهبي في سير الأعلام- قالوا: هي البضعة النبوية والجهة المصطفوية رضي الله عنها وصلى الله على أبيها.
فهذه القريبة جداً من رسولنا صلى الله عليه وسلم جاء علي بن أبي طالب ليطلبها من رسول الله، فلما قعد بين يديه استحيا، وأصابته هيبة النبوة، فلم يستطع أن يقول شيئاً، فتكلم رسول الله عنه فقال:(أجئت لتخطب فاطمة؟ قال: نعم)، وبعد أخذ وعطاء زوجه إياها على درع حطمية كانت عند علي، ثم دخل عليها رضوان الله تعالى عليه وأرضاه، فأنجب منها الحسن، فلما أنجب منها الحسن دخل عليه الصلاة والسلام يقول:(أين ابني؟ ما سميتموه؟، قالوا: سميناه حرباً قال: بل هو الحسن)، وبعد شهر حملت بغلام ثان، فدخل عليه الصلاة والسلام ينشد (أين ابني؟ ما سميتموه؟ قالوا: سميناه حرباً قال: بل هو الحسين) فحملت بعد ذلك فولدت غلاماً، فقال عليه الصلاة والسلام:(أين ابني؟ ما سميتموه؟ فقالوا: سميناه حرباً، قال: بل هو محسن ثم قال عليه الصلاة والسلام: سميتهم بولد هارون بشر وبشير ومبشر)، أبناء هارون عليه الصلاة والسلام.
وهذا أول الدلائل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصاً في سيرته على أن يقتفي أثر إخوانه من الأنبياء امتثالاً لقول الله جل وعلا:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}[الأنعام:٩٠]، فهو عليه الصلاة والسلام أعظم من يمتثل لأمر ربه حتى في التسمية والكنى وما أشبه ذلك مما يراه الناس يسيراً.
والشاهد من هذا كله أن من الناس اليوم من ينأى بنفسه عن هذه الأسماء خوفاً من أن يشبه ببعض الطوائف، والباطل لا يدفع بترك الحق، وإنما يدفع بالمضي على الحق والثبات عليه، لا بالتخلي عن الحق وسنة وهدي نبينا صلوات الله وسلامه.