بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وسع الخلائق خيره ولم يسع الناس غيره، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، بلغ عن الله رسالاته، ونصح له في برياته، فجزاه الله بأفضل ما جزى نبياً عن أمته، اللهم صلّ وسلم وبارك وأنعم عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن الله تبارك وتعالى أنزل هذا القرآن -وهو خير كتبه- على خير نبي بعثه وأرسله، وهو نبينا محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، وإن من العتاق الأول والتلاد القديم الذي أنزل على نبي الهدى ورسول الرحمة صلوات الله وسلامه عليه سورة (الإسراء، والكهف، ومريم) كما جاء هذا التعبير على لسان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقد قال رضي الله عنه لما ذكر سورة الإسراء والكهف ومريم:(إنهن من العتاق الأول، وإنهن من تلادي) يقصد أنه أخذهن عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة صلوات الله وسلامه عليه.
وسورة الإسراء تقوم أعظم غاياتها على شخصية نبينا صلوات الله وسلامه عليه، فقد صدرها الله جل وعلا بقوله:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ}[الإسراء:١]، وختمها جل ذكره بقوله:{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا}[الإسراء:١١١].
وقد اشتهر عند العلماء أن هذه الآية الأخيرة من سورة الإسراء تسمى آية العز، كما أنها عند كثير منهم -بناءً على ما نقل مما يمكن قبوله من الإسرائيليات- أنها آخر آية في التوراة، كما أن المشهور عند العلماء أن أول آية في التوراة هي قول الله جل وعلا في فاتحة الأنعام:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}[الأنعام:١].
ولنا مع هذه السورة المباركة وقفات، فنرجو الله جل وعلا بلاغاً للحاضر والباد، ونفعاً للعباد وتقريباً إليه ودعوة نحو دينه تبارك وتعالى.