[من جوامع الدعاء (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)]
أما أولها: فقول الله جل وعلا في نعته لعباده المؤمنين عندما يفيضون من عرفات إلى مزدلفة: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[البقرة:٢٠٠ - ٢٠١].
فهذا من أعظم جوامع الدعاء وأبلغه.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان كثيراً ما يدعو به، بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا طاف بالبيت العتيق، وأضحى بين الركنين اليمانيين -الركن اليماني والحجر الأسود- دعا صلى الله عليه وسلم بنص هذه الآية:{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[البقرة:٢٠١].
وأنت أيها المؤمن إذا تأملت هذا الدعاء وجدت أنه دعاء جامع، وذلك لأمور: الأول: أنه قصير، والنبي صلى الله عليه وسلم كان من دعائه جوامع الكلم الموجزة، وقد أوتي عليه الصلاة والسلام جوامع الكلم.
الأمر الثاني: أنه جمع بين خيري الدنيا والآخرة، وكذلك المؤمنون إنما يدعون ربهم بخيري الدنيا والآخرة.
ومن آتاه الله في الدنيا حسنة فمعناه أنه أحياه الحياة الطيبة، ومن آتاه الله في الآخرة حسنة فمعناه أنه زحزح عن النار وأدخل الجنة، وذلك هو الفوز العظيم التي كانت وما زالت قلوب المؤمنين تنشده وتطلبه.