ثم قال صلى الله عليه وسلم:(خذوا القرآن من معاذ بن جبل)، ومعاذ هذا أدرك النبي صلى الله عليه وسلم شاباً وكان كريماً، فاضطر أن يستدين حتى يقضي دينه، حتى حجر عليه، فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن هادياً يعلم الناس وجابياً للزكاة حتى يستزيد منها رضي الله عنه وأرضاه، وودعه النبي صلى الله عليه وسلم وهو غاد إلى اليمن وقال له:(يا معاذ! لعلك أن تأتي مسجدي وقبري)، وقوله عليه الصلاة والسلام هذا إشارة إلى أن معاذاً لن يدرك موت النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة.
وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذ رضي الله عنه وأرضاه في اليمن، ثم قدم معاذ المدينة بعد وفاة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، فأتى القبر وسلم وبكى كما أخبر رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
ثم خرج مجاهداً إلى الشام، فأصاب الشام طاعون عمواس، أي: نسبة إلى مدينة اسمها عمواس التي أصابها طاعون، فعرف هذا الطاعون باسم تلك المدينة، وأضيف إليها، وقد مات فيه أبو عبيدة بن الجراح، ثم مات معاذ رضي الله عنه وأرضاه بعد أن ذكر خطبة يبين فيها صبره على البلاء، وثقته برحمة رب الأرض والسماء، وهو قد تجاوز الثلاثين بقليل رضي الله عنه وأرضاه.