للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تدبر في حال أهل النار]

ثم قال الله جل وعلا في هذه السورة المباركة يحدث عن أهل النار، وهي الخزي الأعظم والخسران الأكبر: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ * ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} [غافر:١١ - ١٢].

قول أهل النار: (رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) أي: موتة ونحن أجنة في بطون أمهاتنا، فنفخت فينا الروح، والموتة الثانية يوم قبض الأرواح، وهي الموتة المكتوبة على كل أحد.

(وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) الحياة الأولى عندما نفخت فينا الروح في بطون أمهاتنا، وهي حياة الدنيا، والحياة الأخرى: يوم بعثهم الله جل وعلا من مرقدهم، كما قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس:٥١ - ٥٢] فإذا اعترفوا بهذا يقولون: (فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) أي: خروج من النار وعودة إلى الدنيا علهم يتقون.

قال الله جل وعلا: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام:٢٨] فإذا قالوا ذلك ذكرهم الله جل وعلا بأعظم معصية لهم، ألا وهي الإشراك بالله، وأن نفوسهم -والعياذ بالله- كانت تبتهج وتفرح إذا ذكر مع الله غيره، وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة، فمن أراد أن يعرف قربه من الله فلير كيف حاله إذا ذكر الله جل وعلا وحده، اللهم إنا نجأر إليك أن تعيذنا من أن تقر أعيننا أو تطمئن قلوبنا إلى أحد غيرك.

قال الله: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} [غافر:١٢].