للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جليل صنائع الله وعظيم خلقه]

ثم ذكر جل شأنه بعضاً من عظيم خلقه وجلائل صنائعه، فذكر السماء والأرض وإنزال المطر وإنبات الزرع وأن ذلك كله لا يخلقه إلا الله تبارك وتعالى.

ومن تأمل في عظيم المخلوقات دلته بصيرته وبصره إلى رب البريات جل جلاله، فما أجمل أن تكون الأشياء من حولنا تدلنا على ربنا تبارك وتعالى.

قال الله جل وعلا عن القانتين من خلقه والمتقين من عباده: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:١٩٠ - ١٩١].

فما عظمة المخلوق إلا دلالة على عظمة الخالق، وما جلالة المصنوع إلا دلالة على جلالة البارئ جل شأنه، وما من مخلوق إلا والله جل وعلا خالقه ومدبره، وذلك المخلوق فقير كل الفقر إلى الله والله جل وعلا غني كل الغنى عن كل مخلوق، خلق العرش وهو مستغن عن العرش، خلق حملة العرش وهو مستغن عن حملة العرش، خلق جبريل وميكال وإسرافيل وملك الموت وغيرهم من الملائكة وهو جل وعلا مستغن كل الغنى عنهم، وهم أجمعون فقراء كل الفقر إلى ربهم تبارك وتعالى.

{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران:٢]، فحياته جل شأنه حياة كاملة لم يسبقها عدم ولا يلحقها زوال، وقوله جل وعلا: (الْقَيُّومُ) أي: قيوم السماوات والأرض، احتاج كل أحد إليه واستغنى جل وعلا عن كل أحد، لا إله إلا هو رب العرش العظيم.