وفي هذا الحديث إنما نذكر دلالات المحبة، وأحوال المحبين، وكل امرئ بعد ذلك يحاسب نفسه على ما علم.
وأعظم أحوال محبي محمد صلى الله عليه وسلم وأجل الدلالات على حبه صلوات الله وسلامه عليه توحيد الله، وإجلال الله، ومحبة الله، وبيان ذلك أنه عليه الصلاة والسلام ما أرسل وما أنزل عليه الكتاب إلا ليدعو الناس إلى توحيد الله جل وعلا، فمكث عمره الطاهر الشريف كله يذكر بالله، ويحبب فيه، ويدعو إليه، ويطلب من العباد أن يوحدوا ربهم ويعظموه ويجلوه، فإذا حاد الإنسان عن طريق التوحيد فقد حاد عن المنهج الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وليس هذا من دلالة حبه صلوات الله وسلامه عليه.
إن محبة الله جل وعلا هي المنزلة التي يشمر إليها العاملون، ويتنافس فيها المتنافسون، وهي الحياة التي من فقدها فهو في جملة الأموات، وهي النور الذي من حرمه فهو في بحار الظلمات، ولا يعدل توحيد الله وإجلاله ومحبته شيء، فالله جل وعلا خالق وما سواه مخلوق، والله رب وما سواه مربوب، والله رازق وما سواه مرزوق، وما محمد إلا عبد لله ورسول من لدنه، عرف بربه ودعا إليه، وقضى حياته كلها موحداً له سبحانه وتعالى.
فأعظم دلائل محبته الأخذ بما جاء به، فإن سلك الإنسان مسالك أهل التوحيد، وعظم الله جل وعلا ووحده فذلك أعظم القرائن، وأصدق أحوال من يحب محمداً صلى الله عليه وسلم.