للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القرآن جمال وجلال وكمال]

الحمد لله الذي جعل حمده أول آيةٍ في كتاب رحمته، وجعل حمده آخر دعاء لأهل جنته.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد السرمدي، حمداً لا يحصيه العدد ولا يقطعه الأبد، حمداً طيباً مباركاً فيه كما ينبغي لربنا أن يحمد.

وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، خيرته من خلقه، وصفوته من رسله، وأمينه على وحيه، بعثه بين يدي الساعة هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فصلى الله وسلم وبارك وأنعم عليه من عبد مجتبى، وحبيب منتقى، ورسول مصطفى، وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فهذه ثنائيات من وقفات ثلاث من كتاب الله تبارك وتعالى؛ أجل كتاب وأعظم تنزيل: قال سبحانه وقوله الحق: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام:١١٥]، قال العلماء رحمهم الله: صدقاً في أخباره، وعدلاً في أوامره ونواهيه.

ولن يعدل كتاب أبداً كتاب الله ولن يعدل كلام أبداً كلام الله، فحري بقلوب المؤمنين أن تنهل من معين القرآن، وتقف على مشارفة، وتقتبس من سناه، وهذا ما سنحاول -إن شاء الله تبارك وتعالى- أن نجني بعض ثماره وما نرجوه من الله جل وعلا أعظم وأجل.

لقد ضمن الله جل وعلا كتابه الكثير من القصص منها ما كان صريحاً ومنها ما كان تلميحاً، هدى الله جل وعلا عباده من الضلالة، وعلمهم من القرآن من الجهالة.

فتح به قلوباً غلفاً وآذاناً صماً وأعيناً عمياً، حتى يستبين للناس طرائق الحق وبيان الصراط المستقيم, حتى يكونوا على محجة بيضاء ليلها كنهارها، فيفدون على ربهم إن اتقوه كأحسن ما تكون الوفادة، قال جل ذكره وتعالى اسمه: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم:٨٥].

ولن نستطيع في عجالة من الوقت أن نقف على كل ما في القرآن من قصص وعظات وعبر يذِّكر الله جل وعلا بها القلوب، ويدعو بها تبارك وتعالى إلى رحمة علام الغيوب، وحسبنا في هذا المقام أن نقف على ثلاث منها، وليس المقصود سردها للناس، فإن قصص القرآن أمر مشتهر ظاهر بيِّن لا يكاد يخفى على مؤمن، فإن الناس كانوا ومازالوا وسيبقون بحمد لله يسمعون كلام الله في المحاريب وعلى المنابر وفي الحلقات، ولكن يبقى كيف يُوضح لهم ويُبيِّن ما في القرآن من عظات وعبر ودلائل وآيات؟ حتى تستقيم على الصراط قناتهم.

عناوين الثنائيات الثلاث: الإسراء والمعراج.

يوسف وإخوته.

قابيل وهابيل.

ونحسب والله جل وعلا أعلم أن في هذه الثلاث بيان للإنسان لأكثر الطريق المؤدي إلى رحمة الله تبارك وتعالى.