كما أن مما يجنيه الإنسان من محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مرافقته صلوات الله وسلامه عليه في الجنان، فقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام أنه (مر على أعرابي في غزوة له فأكرمه، فقال له عليه الصلاة والسلام: إذا قدمت المدينة فأئتنا، فلما قدم عليه الصلاة والسلام المدينة جاءه الأعرابي ذات مرة، فقال له عليه الصلاة والسلام: سلني حاجتك، فقال: يا رسول الله! أسألك ناقة وأعنزاً يحلبها أهلي فقال عليه الصلاة والسلام: عجز هذا الأعرابي أن يكون كعجوز بني إسرائيل، قالوا: يا رسول الله! وما عجوز بني إسرائيل؟ قال: إن موسى عليه الصلاة والسلام لما هم بأن يفارق أرض مصر أخبره علماء بني إسرائيل أن يوسف أخذ عليهم عهداً أن لا يرحلوا من مصر إلا ويأخذوه معهم، فقال: من يدلني على قبر يوسف، فقالوا: لا يعرفه إلا عجوز في بني إسرائيل.
فلما أتاها موسى، قالت: لا أدلك حتى تعطيني سؤلي وحاجتي، قال: وما حاجتك؟ قالت: أن أكون رفيقتك في الجنة)، فالأنفس العلية، والقلوب المتعلقة بالله جل وعلا إنما ترقب المنازل العلا، ولا ريب في أن من أعظم المنازل مرافقة الأنبياء في جنات النعيم.
وقد كان ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما هم بتقديم الوضوء ذات يوم لرسول الله قال له:(يا ربيعة! سلني حاجتك، قال: يا رسول الله! أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أوغير ذلك يا ربيعة؟! قال: هو ذاك، قال: يا ربيعة! فأعني على نفسك بكثرة السجود)، أي: بكثرة الصلاة لله تبارك وتعالى.
وقصارى الأمر ونهايته أنه بمحبة الله جل وعلا وبمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم تطمئن النفوس، وترتوي القلوب، ويستبصر المؤمن الطريق، ويحظى بالتوفيق، ويكون قريباً من الله قريباً من رسوله صلى الله عليه وسلم.
وما بيناه من منهج ظاهر أخذ من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حري بالمؤمن أن يعض عليه بالنواجذ، لا لقائله، وإنما لمصدره؛ لأنه من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.