للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الثناء على الأنصار]

ولقد أثنى الله جل وعلا عليهم في كتابه فقال: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر:٩] وكان أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه يعجب من صنيع الأنصار بالمهاجرين وإكرامهم لهم وإيوائهم إياهم، فكان يقول: إن مثلنا ومثل إخواننا من هذا الحي من الأنصار كما قال الأول: أبوا أن يملوا ولو أن أمنا تلاقي الذي يلقون منا لملت وهذه تزكية لهم من الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

وهؤلاء الأخيار أخبر النبي عنهم صلى الله عليه وسلم أنهم سيجدون أثرة بعده، فلم يول أنصاري إمرة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووعدهم صلى الله عليه وسلم الحوض، وسيأتي الحديث عنه.

وفي غزوة حنين لما جمعت الغنائم قسّمها صلى الله عليه وسلم على أقوام يتألف بها قلوبهم إلى الإسلام، ولم يعط الأنصار شيئاً، فوجدوا في أنفسهم شيئاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقي عليه الصلاة والسلام سعد بن عبادة رضي الله عنه وأرضاه فقال له عليه الصلاة والسلام: (ما مقالة بلغتني عنكم يا سعد؟) فأخبره سعد بالأمر، فقال عليه الصلاة والسلام: (وأنت ماذا تقول؟) قال: يا نبي الله وهل أنا إلا رجل من قومي؟! فقال: (اجمع لي الأنصار في حظيرة) أي: في مكان مسور، فلما جمعوا قال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الأنصار! ما مقالة بلغتني عنكم؟ ألم تكونوا ضلالاً فهداكم الله، وعالة وأغناكم الله؟) وأخذ يعدد ما أفاء الله به عليهم بسبب رسوله صلوات الله وسلامه عليه، وهم يقولون: لله ولرسوله المن والفضل.

فقال: (ألا تجيبونني؟) فقالوا: بماذا نجيبك يا نبي الله؟ لله ولرسوله المن والفضل، قال: (أما إنكم لو قلتم لصدقتم ولصدّقتم: أتيتنا طريداً فآويناك، وعائلاً فأغنيناك) وذكر غير ذلك مما من الله به على رسوله بسبب الأنصار، ثم قالوا: لله ولرسوله المن والفضل، فقال صلى الله عليه وسلم يخاطب تلك القلوب المؤمنة: (يا معشر الأنصار! أما ترضون أن يعود الناس بالشاة والبعير وتعودون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟) فقالوا: رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً وحظاً.