ثم بعد ذلك فتنة القبر، ويراد بالفتنة السؤال؛ لأن الفتنة لها معان متعددة، ومن معانيها السؤال، قال الله تبارك وتعالى:{يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ}[الذاريات:١٣]، وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أتباعه أن يعوذوا بالله من فتنة المحيا والممات، وفتنة القبر هي تلك الأسئلة الثلاثة التي توجه إلى الميت في قبره، وورد أن اللذين يسألانه هما منكر ونكير، فيقعدان الميت ويسألانه تلك الأسئلة التي استفاضت شهرتها: من ربك؟ ومن نبيك؟ وما دينك؟ فعلى قدر صلاح العبد وتقواه وإيمانه يكون جوابه {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}[إبراهيم:٢٧].
وهذه الأسئلة اختلف أهل العلم رحمهم الله فيها، هل يسأل بها كل مكلف؟ وهل يسأل بها الكفار والمؤمنون؟ وهل سئل بها الذين من قبلنا أو لم يسألوا؟ وأظهر أقوال أهل العلم -والله تعالى أعلم- أن الجميع يسأل، وإن خالف في هذه المسألة بعض أهل العلم من أهل السنة، والله تعالى أعلم.