قال سبحانه يبين لنا فضل الإيمان:{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}[غافر:٧]، فإذا كنت في بيت من بيوت الله؛ فقد أردت ما عند الله من الأجر، وعقدت أناملك بالتسبيح، ولهج لسانك بذكر الله، ودخل الإيمان في قلبك، وكل ذلك بفضل الله، فتستغفر لك ملائكة السماء، ويستغفر لك حملة العرش، فالإيمان جمع بينك وبين سكان السماوات العلى، والكفر يفرق بينك وبين أقرب الناس إليك، قال الله جل وعلا عن نوح في شأن ابنه:{فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[هود:٤٥ - ٤٦].
وقد كان الخليل على كرامة عظيمة من الله، فقال لأبيه:{سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا}[مريم:٤٧] فالخليل إبراهيم له المنزلة العالية والاحتفاء العظيم في الملكوت الأعلى، ومع ذلك لما كان أبوه كافراً لم تنشأ علاقة نفع بينهما، بينما ينتفع صغار المسلمين الموتى إلى قيام الساعة بكفالة إبراهيم لهم، فنقول في دعائنا للأموات الصغار: اللهم ألحقهم بكفالة أبيهم إبراهيم في الصالحين، فينتفع هؤلاء الصغار بكفالة أبيهم إبراهيم ولا ينتفع به أبوه.
فالإيمان جمع بيننا ونحن في الأرض مع ملائكة السماء وهم في السماوات العلى.
والكفر -عياذاً بالله- يفرق بين المرء وأي كافر آخر، حتى يعلم أنه لا وشائج ولا صلة تربط بين الناس أعظم من رابطة الإيمان.