من مواقفه رضي الله عنه وأرضاه أنه كان في ركب فقابلوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال لهم: أفيكم عبد الله بن مسعود؟ قالوا: نعم، فأخذ الناس يسألونه ليعلموا هل هو ابن مسعود أم لا، قيل له: أي آية في كتاب الله أرجى؟ قال: قول الله جل وعلا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}[الزمر:٥٣].
قيل له: أي آية في كتاب الله أعدل؟ قال: قول الله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}[الزلزلة:٧ - ٨].
قيل له: أي آية في كتاب الله أحكم؟ قال: قول الله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}[النحل:٩٠]، وما زالوا يسألونه وهو يجيب رضي الله عنه وأرضاه.
فهذا واحد ممن قال صلى الله عليه وسلم فيهم:(خذ القرآن من أربعة).
ثانيهم: أبي بن كعب سيد القراء، أي مؤمن على الجبلة يفرح بما يشعر أنه رحمة من الله، الله يقول:{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس:٥٨] قال صلى الله عليه وسلم لـ أبي بن كعب: (إن الله جل وعلا أمرني أن أقرأ عليك سورة البينة، قال: يا رسول الله! أوقد سماني الله لك؟ قال: نعم)، فانظر يا أخي أي فخر أرفع، وأي مقام أشرف من مثل هذا، أن الله جل وعلا يوصي نبيه ويسمي أبياً باسمه، ويأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقرأ سورة البينة على هذا الصحابي الجليل، ما نالها إلا لما كان القرآن محتوي على قلبه، ولهذا يعد عند أهل العلم سيد القراء رضي الله عنه وأرضاه.