هذا باب طويل، لكن سآتي بمثال: النبي عليه الصلاة والسلام كان يتجنب مسألة العموم، يعني: التقعيد العام، من أخطائنا مثلاً أن يرقى إنسان على كرسي فيأتي سؤال: ما هي وسائل الثبات؟ ما هي وسائل طلب العلم؟ بماذا تنصحني من كتب التفسير؟ كيف أفسر القرآن؟ فيأتي جواب عام، وهذا خطأ، ولا بد أن يكون جواب هذه الأسئلة على معرفة بالسائل فردياً.
ونأتي بمثال من السنة: النبي صلى الله عليه وسلم تبعه سراقة بن مالك في يوم الهجرة وكان سراقة يومها كافراً، والذي أخرج سراقة هو المال والطمع في الجائزة (مائة ناقة) فلما عرف أن النبي صادق لكنه غير مقتنع أنه نبي قال له النبي عليه الصلاة والسلام: (يا سراقة، كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟).
وذلك أنه إذا رجع إلى المنزل وغير رأيه وقال: أنا أخطأت فلو تبعته وفزت بالمائة ناقة، يتذكر سواري كسرى شخصية دنيوية، فردها بمثلها! ولما دخل عليه عمر وقد أثر الحصير في جنبه فقال عمر:(يا رسول الله، كسرى وقيصر في ما هم فيه وأنت في هذا الحال) ما قال: يا عمر، غداً أنت تفتح المدائن ويأتي كسرى تحت قدميك وتأخذ سواري كسرى فتعطيه سراقة، لم يكلمه بالدنيا؛ لأن شخصية عمر غير شخصية سراقة، فقال له:(أفي شك أنت يا ابن الخطاب، أولئك أقوام عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا).
هذه طرائق لفهم كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل.
في يوم الفتح جاءه العباس بن عبد المطلب قال:(يا نبي الله، إن أبا سفيان رجل يحب الفخر، فقال صلى الله عليه وسلم: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن) فهذا بيان للطريقة التي كان يتعامل بها النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه.