فهنا في هذا وأمثاله يقول الله:{رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ}[الإسراء:٢٥]، ثم قال الله:{إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا}[الإسراء:٢٥]، فكل الدين مرده على إصلاح القلب، (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)، وفي الحديث:(إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولكن الله ينظر إلى قلوبكم).
من هذا السياق القرآني يتبين للمرء أنه ما سعى في شأن أعظم من إصلاح قلبه، وصلاح القلوب له طرائق عدة: أعظمه تدبر القرآن، وهو ما نحن فيه، مع تلاوة القرآن، والتأمل في هدي نبينا صلى الله عليه وسلم، والبعد عن حسد الناس وحمل الحقد والبغضاء لهم، والإكثار من ذكر الله جل وعلا فإن ذكر الله حياة الضمائر وأنس السرائر، وغيرها مما لا يخفى، والمقصود الإشارة من حيث الجملة، وبصلاح القلوب يفوز الإنسان برضوان ربه ورحمته، ويكون قريباً من دخول جنته.
وقال الله جل وعلا في سورة أخرى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}[الرعد:٣٨]، وكون أنبياء الله ورسله من نفس جنس الناس هذا يجعلهم أدعى لأن يقبل منهم، وأنبياء الله ورسله ما كانوا يعيشون في منأى بعيد عن الناس، وإنما كانوا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، وهذا مما اعترضت به الأمم عليهم.