إن المستقرئ لآيات الكتاب وأحاديث المعصوم صلى الله عليه وسلم يكاد يجزم بأمور، منها: أن أرواح المؤمنين تكون في أعلى عليين، في الرفيق الأعلى والمقام العظيم عند ربهم جل وعلا، ولذلك لما كان الأنبياء يخيرون عند الموت كان صلى الله عليه وسلم يقول -كما في حديث النزع المشهور-: (اللهم في الرفيق الأعلى)، أي: الرفيق الأعلى الذين عناهم الله بقوله: {فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا}[النساء:٦٩]، فالأنبياء والمرسلون في الرفيق الأعلى والمقام العظيم في أعلى عليين.
ومنها أن أرواح الشهداء تكون في حواصل طير خضر تسرح في الجنة، ثم تأوي إلى قناديل معلقة في ظل العرش، كما ثبت ذلك الخبر في صحيح مسلم وغيره عن نبينا صلوات الله وسلامه عليه.
وأما أرواح المؤمنين فإنها تكون نسمة في حواصل طير، إلا أنه لم يرد خبر بأنها تسرح في الجنة.
وأما أرواح الفجار والكفار وأهل الفسق والعصيان والخارجين عن طاعة ربهم جل جلاله فلا تسل عنهم، قال تعالى:{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ}[المطففين:٧ - ٩] فهم في أسفل سافلين في العذاب المقيم، أعاذنا الله وإياكم من ذلك كله.