للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[محبة رسول الله لأحد والمدينة وغيرهما]

وأحب نبيكم جبل أحد، فلما صعد عليه ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان رجف الجبل فرحاً وفرقاً وفخراً، قال القاضي عياض: فرح الجبل بمن عليه من الشرفاء وبما حازه من الشرف فسكنه صلى الله عليه وسلم بقدميه وقال: (اثبت أحد، إنما عليك نبي وصديق وشهيدان).

قدم له صلى الله عليه وسلم هذا كله مما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كانت حوله أشياء يحبها، والمؤمن اليوم إذا وفق للسنة وفق لهدي النبوة، يصنع الشيء وربما لا يوافق جبلته، لكن يصنعه تقرباً إلى الله بموافقة نبينا صلى الله عليه وسلم.

وهذا زمن الصيف، وقد جمع نبيكم في زمن الصيف بين البطيخ الأصفر والرطب، فكان يأكل الرطب ويأكل البطيخ الأصفر ويقول: (نكسر حر هذا ببرد هذا، ونكسر برد هذا بحر هذا).

لو أن رجلاً يدخل على أبنائه ومعه رطب ومعه بطيخ أصفر فيجمع أبناءه ثم يقسم بينهم البطيخ والرطب ويقول: أحبوا ما أحبه نبيكم صلى الله عليه وسلم؛ فهذا مما يغرس الإيمان في القلوب، ويكسب الرقة في القلب، ويجعل الإنسان على بينة من أمره.

هذه القلوب آنية وأعظمها ما كان ممتلئاً بحب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، ولو وكلنا لأعمالنا لم ندخل الجنة قط ولكنها رحمة الله يضعها الله جل وعلا لمن يشاء.

ورحمة الله تستجلب وتستدر وتطلب منه تبارك وتعالى بكرة وعشياً، تارة في الدعاء، وتارة بالنوايا، وتارة بالعمل الجامع للنوايا الحسنة، وما عجزنا عنه كله لا نتركه، بل نأخذ بعضاً منه ونتقرب إلى الله بما كان يحبه ويحبه رسولنا صلى الله عليه وسلم.

أحب نبيكم عليه الصلاة والسلام مدينته.

فإذا أقبل عليها أرخى زمام ناقته وقال: (هذه أرواح طيبة)، ودخلها صلى الله عليه وسلم فرحاً مسروراً، وكان يبدأ بالمسجد صلوات الله وسلامه عليه، وذات يوم ضرب رمانة منبره ثلاثاً بيده وهو يخطب قد احمرت عيناه وهو يقول: (هذه طابة هذه طابة هذه طابة، والله لا يدخلها الدجال ولا الطاعون) صلوات الله وسلامه عليه.

فمن أحب ما يحبه الله ويحبه رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا الذي رق قلبه وحسنت نيته وصلح عمله.

هذا ما تهيأ إيراده وتيسر إعداده جمعنا به بين علم ووعظ، ونحن إن قدمنا أو أخرنا مجتهدون، والموفق للخير والمعين والمتقبل هو الله جل وعلا.

اللهم لك الحمد أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة، أنت الرحمن الرحيم، لا رب غيرك ولا إله سواك، تعطي وتمنع وتخفض وترفع؛ فتقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واجعل ما قلناه وسمعناه ذخراً لنا يوم نلقاك إنك أنت العزيز الكريم.

وصل اللهم وسلم على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين