للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[محبة الله لمحب رسوله]

وبقي أن نعلم ثمار هذه المحبة، فما الذي نجنيه من محبتنا لرسولنا صلى الله عليه وسلم؟ إن أعظم ما يجنيه العبد من محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم محبة الله جل وعلا له؛ لأن الله جل وعلا إذا أحب عبداً أحبه جبرائيل لمحبة الله جل وعلا له، فإن نحن أحببنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أحبنا الله جل وعلا؛ لأن الله هو الذي اختاره واصطفاه، وهو الذي قربه وناجاه، وهو الذي شرح له صدره ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، وهو الذي بعثه بين يدي الساعة هادياً ومبشراً ونذيراً، وهو الذي أرسله رحمة للخلائق وهداية للطرائق، فمحبته صلى الله عليه وسلم يظفر الإنسان من خلالها بمحبة الله جل وعلا، بل إن الأصل أننا نحب نبينا عليه الصلاة والسلام لأن الله جل وعلا أمرنا بحبه صلوات الله وسلامه عليه.

ثم إن الإنسان إذا اجتمعت فيه هاتان المحبتان -ولا انفكاك بينهما أبداً- محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ يجد في نفسه لذة الإيمان ومن المؤسف أن هذه الصحوة الإسلامية المباركة في شرق العالم وغربه، وشماله وجنوبه كان التيار الفقهي فيها أعلى من التيار الإيماني، وهذا لا ريب في أنه خلل في المرتقى، وغير سليم في الوصول إلى طاعة الله جل وعلا، لأنه يجب أن يقترن العمل بمحبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن الناس من يؤدي الصلوات، ويؤدي الزكاة، ويصوم رمضان، ويحج البيت، ولكنه يجد في نفسه جفافاً في المقل، وقسوة في القلب، وعدم لذة في الطاعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان) إلخ وذكر منها: (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما).

فمحبة الله ورسوله تورث في النفوس لذة الإيمان، وتشعر المؤمن بالقرب من الرب جل وعلا، والعمل الصالح إذا اقترن بمحبة الله تبارك وتعالى واستحضار ثوابه والانكسار بين يديه جل وعلا أورث ذلك كله قبولاً عند الله جل وعلا.