[دور الصحوة الإسلامية في نشر الوعي الديني]
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، اعترافاً بفضله وإذعاناً لأمره، وأشهد أن محمداً عبده المجتبى ونبيه المصطفى ورسوله المرتضى، سيد الأولين والآخرين، وأكرم الأنبياء والمرسلين، خصه ربه بالشفاعة العظمى، وعرج به ليلاً إلى سدرة المنتهى، فهو خليل الرحمن، ورسول الملك الديان، حظنا من النبيين ونحن حظه من الأمم، اللهم صل وسلم وبارك وأنعم عليه، اللهم وعلى آله وأصحابه، ومن اقتفى أثرهم واتبع نهجهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا اللقاء الطيب المبارك الذي يتجدد أسبوعياً، ستكون هذه الليلة خاتمة مرحلته الثانية، ولذلك نقول: إن الصحوة الإسلامية المباركة التي امتد جذرها شرقي العالم وغربيه شماله وجنوبه صاحبها الكثير من المحاضرات والدروس العلمية النافعة، وهذه المحاضرات وتلك الدروس كانت في غالبها على منهجين: منها: دروس علمية بحتة، تعنى بشرح المتون، وبيان ما دونه أهل العلم في المطولات والمختصرات، وكانت تلك المحاضرات موجهة إلى طلبة العلم بصفة خاصة.
والنوع الآخر: كان على هيئة محاضرات، وهذه المحاضرات أخذت في طبيعتها قسمين: منها: ما عنى بالجانب الفكري، ومنها: ما عنى بالجانب الوعظي، وفي كل خير.
فأما الجانب الوعظي فقد نفع الله به كثيراً من عباد الله المؤمنين أحجم بتلك المواعظ عن كثير من المعاصي، وكانت سبباً في إقدامهم على كثير من الطاعات.
كما أن المحاضرات التي عنيت بالجانب الفكري فتحت آفاقاً لدى الشباب خاصة، وسائر الناس عامة، وأسهمت إسهاماً كبيراً في أن يدرك المرء حال الأمة الإسلامية شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، وهذا كله فضل من الله.
ويمكن أن يدرج في ذلك أيضاً: ما نحاول أن ننتهج خطاه هذه الليلة، وهو أن يكون في المحاضرة شيء من التنويه، وذلك أن النفوس والقلوب مثل الأبدان، يصيبها الملل، ويصيبها التعب، فهذه القطوف الدانية التي نستعين الله جل وعلا في ارتجالنا هذه الليلة إنما المقصود منها أمور عدة: أولها وأجلها: الانتفاع العلمي مما يحصل به نيل الدرجتين في الدنيا والآخرة.
والأمر الثاني: أن يجد المؤمن من أخيه زاداً علمياً وفكرياً وثقافياً يعيش به في حياته الدنيوية، وإن كان الباع قصيراً، والبضاعة مزجاة، لكن لو أن كل واحد منا سد ثغرة في حياة المؤمنين لسدت الثغرات جميعها.
والأمر الثالث: أن الإنسان قد يحتاج في هذه الحياة إلى ما يطرد سأمه، ويذهب ملالته، وبخاصة عندما يلم به الحزن، أو يأتيه الكرب، أو ما إلى ذلك، فإن التسلي بأخبار الصادقين، وأنباء الأولين فيه شيء من التعزية للنفس، وفيه زاد لروح المؤمن وبدنه! من أجل هذا وغيره، كانت محاضرة هذه الليلة (القطوف الدانية) وهي أيها الأخ المؤمن إن لم تصل إلى الحد الذي تريده، فإن مثلك أهل لأن يعذر، ومثلنا بشر قابل لأن يخطئ فيعتذر! وستأخذ هذه القطوف عناوين متعددة على غرار النهج الأول الذي انتهجناه في الجزء الأول من القطوف الدانية.