للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عرض مجمل للمراحل التي يمر بها الإنسان إلى أن يستقر في الجنة أو في النار]

وهنا نجمل -أيها المباركون- من قول الله جل وعلا: {فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ} [الواقعة:٨٣ - ٨٤] تصعد الروح، فإما أن تنادى بأحسن الأسماء أو تنادى بأقبح الأسماء، تعود إلى صاحبها، تدب الروح في البدن، فيسمع صوت النعال، ثم يُقعد فيُسأل عن ربه ونبيه ودينه، يوفِّق الله من يشاء من عباده للإجابة، ويخذل من عباد الله من شاء عن الإجابة، ثم يمكث الإنسان في قبره حياة البرزخ، قال ربنا: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:١٠٠]، وهل تنفصل الروح أو تبقى متصلة؟ العلم عند الله، لكن غالب الظن: أنها تنفصل حيناً، وتتصل أحياناً في حياة لا نعلم كنهها، قال الله عنها: {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق:٢٢]، ثم يأمر الله ملكاً يقال له: إسرافيل، أن ينفخ فينفخ، فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم يمكث الناس أربعين، ثم يأمر الله الملك نفسه أن ينفخ فينفخ، فتخرج أرواح المؤمنين من عليين إلى أجساد الناس، لا تخطيء روح جسداً خرجت منه، وأرواح أهل الكفر من سجين، لا تخطيء روح جسداً خرجت منه، تدب الحياة في الأجساد، فيخرج الناس كأنما يقومون من نومهم، قال الله: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس:٥١ - ٥٢]، يحشر الناس على أرض بيضاء نقية، يعطى كل أحد نوراً فينقسمون إلى ثلاثة أقسام: منهم أقوام يطفأ نورهم من حين أن يستلموه وهم أهل الكفر، وتبقى طائفتان يبقى معهم نورهم حتى إذا جاءوا على الصراط أُطفئت أنوار أهل النفاق، قال الله جل وعلا عنهم أنهم ينادون أهل الإيمان: ((انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ)) وهم يجيبونهم {قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد:١٣]، ويمضي أهل الإيمان يجتازون بنورهم على قدر أعمالهم الصراط، ثم ينقسمون إلى قسمين: قسم يؤذن لهم بدخول الجنة، وقسم يحبسون على الأعراف، فإذا حبسوا على الأعراف رأوا أهل الجنة وهم يدخلونها، قال الله جل وعلا: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} [الأعراف:٤٦]، وإذا صرفت أبصارهم من غير سبب منهم إلى أهل النار: {قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف:٤٧]، ثم ظاهر القرآن -والعلم عند الله- أنهم يؤذن لهم بالجنة، ثم ينادي مناد بعد أن يؤتى بالموت على صورة كبش أملح فيقال: يا أهل الجنة! هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت، ويقال: يا أهل النار! هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت، فيذبح بين الجنة والنار، ويقال: يا أهل الجنة خلود لا موت! ويا أهل النار خلود لا موت! قال الله جل وعلا: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} [مريم:٣٩ - ٤٠].

هذا ما تيسر إيراده، وتهيأ إعداده، وأعان العلي الكبير على قوله، وما لم نجمله، أو لم نَقُلْه، أو لم نبينه في قولنا هذا، فلعل الله جل وعلا أن يكتب لنا أن نبينه في الإجابة على أسئلتكم، هذا والعلم عند الله، وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.