أقول: أول نقطة تحاول تربي نفسك عليها: ألا تعلق نفسك بأن تتأثر بأحد بعينه، ولا بقارئ بعينه، لكن كل من قرأ عليك القرآن حاول أن تتأثر به، وكل من ذكرك بالله حاول أن تتأثر به، فالله جل وعلا دينه وعظمته أجل وأكبر من أن يضعها في شخص هو وحده ينفع الناس وغيره لا ينفعون، فيجب أن يعلم الإنسان أن الله عظيم، وأن له آيات تدل عليه تبارك وتعالى، ومن ذلك أن يفقه الإنسان كيف يتعامل مع ربه جل وعلا، والتعامل مع سبحانه وتعالى يحتاج إلى قلب منكسر، وقلب شارد تماماً عن المخلوقين مهما رأى فيهم من عظمة، ومهما رأى فيهم من خشوع، ومهما رأى فيهم من جمال الصوت في القرآن، فيحبهم بقدر، وليعلم أنهم ليسوا هم وحدهم يذكر بالله، وأن كل شيء أصلاً حولنا يذكر بالله، فالله يقول:{فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[الروم:٥٠].
ولا يوجد شيء ممكن أن يذكر المؤمن بعظمة الله أكثر من أن يقرأ المؤمن القرآن، فاختاروا آيات من القرآن فيها إخبار من الله جل وعلا عن عظمته، ثم رددها بصوت تسمع فيه نفسك في مكان يغلب على ظنك ألا يراك فيه أحد، وأنت تقرؤها تدبر كيف يخبر الله جل وعلا عن ذاته العلية.
أتريد أن تعرف صفاته؟ لن يدلك عليها أحد أعلم ولا أعظم منه، لا أحد أعلم بالله من الله، فاختر آيات أثنى الله جل وعلا فيها على نفسه، وأخبر فيها تبارك وتعالى عن عظيم خلقه، ومدح الله جل وعلا فيها نفسه، اقرأها وأنت تسمع فيها نفسك، فإذا ما خشعت في المرة الأولى حاول أن تكررها لعلك تخشع في الركعة الثانية، وإذا ما خشعت في الركعة الثانية حاول أن تكررها مع آيات أخر حتى لا تبتدع في الدين حتى تصل إلى بغيتك، فيبدأ القلب يألف أنه لا يتعظ ولا يستجيب لشيء أكثر من كلام الله، لكن إنسان عود نفسه على أغاني، أو عود نفسه على أناشيد، أو عود نفسه على شيخ معين وما أشبه ذلك هذا قد يتضرر، لكن حاول أنت أن يكون تذكيرك من نفسك في نفسك، {الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ * هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[آل عمران:١ - ٧]، فهذه وأمثالها اقرأها لينير الله جل وعلا قلبك.