طغريل فراسل الفرنج وتهددهم بقصد بلادهم. واتفق أن عسكر حلب قتلوا فارسين كبيرين من الداوية أيضا فأذعنوا بالصلح وردوا إلى التركمان كثيرا من أموالهم وحريمهم وأسراهم.
وفي سنة ٦٢٦ أشخص الملك العزيز صاحب حلب إلى الملك الكامل- وكان بدمشق- يخطب بنته فاطمة خاتون التي هي من الست السوداء أم ولده أبي بكر العادل ابن الكامل. وفي سنة ٦٢٧ ولد الملك الناصر يوسف بن الملك العزيز صاحب حلب.
وفي سنة ٦٢٨ قلّت الأمطار بديار الجزيرة والشام ولا سيما حلب وأعمالها، فإنها كانت قليلة جدا، وغلت الأسعار بالبلاد وكان أشدها غلاء حلب، فأخرج طغريل كثيرا وتصدّق بصدقات دارّة، وساس البلاد سياسة حسنة بحيث لم يظهر للغلاء أثر. وفيها قصد الفرنج الذين هم بالشام مدينة جبلة من المدن المضافة إلى حلب ودخلوها وأخذوا منها غنيمة وأسرى، فسيّر إليهم طغريل عسكرا استردها منهم وفك الأسرى.
وفي سنة ٦٢٩ استقل الملك العزيز بن الملك الظاهر بملك حلب. وفيها وصلت زوجة الملك العزيز بنت الملك الكامل وكان يوم دخولها إلى حلب يوما مشهودا. وفي سنة ٦٣٠ أخذ الملك العزيز شيزر، تسلّمها من شهاب الدين يوسف بن سابق الدين، وقد هنأه بها يحيى الخالد القيسراني بقوله:
يا ملكا عمّ أهل الأرض نائله ... وخص إحسانه الداني مع القاصي
لما رأت شيزر آيات نصرك في ... أرجائها ألقت العاصي إلى العاصي
وفي سنة ٦٣١ توفي شهاب الدين طغريل الطواشي أتابك حلب. وفي سنة ٦٣٢ توفي الملك الظاهر داود صاحب البيرة ابن السلطان صلاح الدين، وملك البيرة ابن أخيه الملك العزيز صاحب حلب. وفي سنة ٦٣٤ خرج الملك العزيز إلى حارم للصيد ورمى البندق واغتسل بماء بارد، فحمّ ودخل حلب وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة وكان عمره ثلاثا وعشرين سنة وشهورا، وكان حسن السيرة في الرعية وتقرر في الملك بعده ولده الملك الناصر يوسف وعمره نحو سبع سنين، وقام بتدبيره وبتدبير الدولة شمس الدين لؤلؤ الأرمني، وعز الدين عمر بن مجلي، وجمال الدولة إقبال الخاتوني. والمرجع في الأمور إلى والدة الملك العزيز ضيفة خاتون بنت الملك العادل.
وفيها توجه عسكر حلب مع الملك المعظم توران شاه عم الملك العزيز فحاصروا