بغراس، وكان قد عمرها الفرنج الداويّة بعد ما فتحها صلاح الدين وخربها، وقد أشرف العسكر على أخذها ثم رحلوا عنها بسبب الهدنة مع صاحب أنطاكية. ثم إن الفرنج أغاروا على ربض دربساك وهي حينئذ لصاحب حلب، فوقع بهم الحلبيون وولّى الفرنج منهزمين وكثر فيهم القتل والأسر، وعاد عسكر حلب بالأسرى ورؤوس الفرنج. وكانت هذه الوقعة من أجل الوقائع.
وفي سنة ٦٣٥ توفي الملك الكامل صاحب مصر ولما سمع الحلبيون بوفاته اتفقوا على أخذ المعرة وحماة من الملك المظفر صاحب حماة، وهو جد أبي الفداء المشهور صاحب التاريخ والجغرافية. وسبب ذلك أن الملك المظفر كان وافق الملك الكامل على قصد حلب فمشى عسكر حلب إلى المعرة وانتزعوها من يد الملك المظفر وحاصروا قلعتها ثم ساروا إلى حماة وحاصروها وبها الملك المظفر ونهب العسكر الحلبي بلاد حماة، واستمر الحصار على حماة حتى خرجت هذه السنة. وفيها عقد لسلطان الروم غياث الدين كيخسرو بن كيقباذ بن كيخسرو على غازية خاتون بنت الملك العزيز صاحب حلب سابقا وهي صغيرة حينئذ. ثم عقد للملك الناصر يوسف بن الملك العزيز على أخت كيخسرو وهي ملكه خاتون بنت كيقباذ، وخطب لغياث الدين بحلب. وفي سنة ٦٣٦ كتبت ضيفة خاتون صاحبة حلب بنت الملك العادل إلى عسكر حلب أن يرحلوا عن محاصرة حماة، فرحلوا عنها وكان قد طال حصارهم لها ولحقهم الضجر واستمرت المعرة في أيدي الحلبيين.
وفي سنة ٦٣٨ نزل الملك الحافظ أرسلان شاه بن الملك العادل عن قلعة جعبر وبالس وسلّمها إلى أخته ضيفة خاتون صاحبة حلب وعوّضته عنها «عزاز» وبلادا معها تساوي ما نزل عنه. وسبب ذلك أن الملك الحافظ أصابه فالج فخشي على نفسه من تغلب أولاده فاقترب من حلب كيلا يمكنهم التعرض إليه.