للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد من المؤرخين بإسلام أحد من الأتراك في أثناء جميع تلك الحروب.

هذا وإن كثيرين من الأتراك كانوا ينشؤون على دين الإسلام وهم مماليك الخلفاء والوزراء وأهل الوجاهة من المسلمين، وقد التفت إليهم الخلفاء العباسيون واعتنوا بشأنهم وأحلّوهم لديهم المنزلة العليا لما كانوا يرونه من شجاعتهم وصدقهم، حتى إن الخليفة المعتصم ومن بعده من الخلفاء صار لا يثق ولا يعتمد إلا على الجندي التركي. وقد بنى الخلفاء للأتراك بلدة خصوصية وصاروا يزوجون رجالهم بنسائهم ويدرّون عليهم الإنعامات، فنموا وكثروا ونالوا من الدولة العباسية الرتب العالية، ونشأ منهم رجال أولو كفاءة واقتدار فتولّوا باستعدادهم الولايات والإقطاعات، وشاع ذكرهم في الأقطار، وغبطهم إخوانهم الأتراك في أصقاعهم وشاهدوا حسن أحوالهم، وتحققوا بأن تدينهم بدين الإسلام هو الذي رفعهم إلى تلك المراتب العالية وبدّل ما كانوا عليه من الهمجية بالمدنية الحقّة والرقي إلى معارج الكمالات الإنسانية، فاعتقدوا صحة الإسلام وأقبلوا عليه يدخلون فيه أفواجا. وفي سنة ٣٤٩ أسلم منهم دفعة واحدة نحو مائتي ألف خركاه «١» على ما ذكره ابن الأثير في كتابه الكامل في حوادث السنة المذكورة، وهو عدد عظيم لا شك. ولا ريب أنه لم يدخل «٢» في الإسلام إلا اقتفاء لآثار غيره من قومه.

وذكر في تاريخ الدولة العثمانية- الذي ترجمه من النمسوية محمد عطاء الله أفندي أحد أفاضل الأتراك العثمانيين- أن سالور من أعقاب طاغ خان دان بدين الإسلام مع ألفي بيت من قومه بعد سنة ٣٥٠ هـ وأن سالور تسمى من ذلك التاريخ بجناق خان، أو قره خان، وسمى من تبعه على الإسلام (تركمان) .

وقد يؤاخذ محمد عطا الله أفندي بعدم ذكره مائتي ألف بيت التي ذكر إسلامها ابن الأثير، واقتصاره على ذكر إسلام ألفي بيت، إلا أن يكون غلط في بيان العدد وظنه ألفي بيت. وهذا الاحتمال يصح فيما لو كان تاريخه الذي بينه موافقا للتاريخ الذي بينه ابن الأثير وليس الأمر كذلك كما علمت. كما أن ابن الأثير قد قصّر بالإفصاح عن اسم زعيم تلك الطوائف العظيمة التي أسلمت في التاريخ المذكور وعن بيان اسمها وسبب إسلامها. وذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>