بثغر بلاد خوارزمشاه فيها وال من قبله اسمه إينالجق، له قرابة من خوارزمشاه ثم غيّر اسمه وسماه غاير خان) فلما وصل التجار الجنكيزيّون إلى هذه البلدة وهم زهاء أربعمائة رجل، معهم الأموال الكثيرة، خاطب بعضهم غاير خان باسمه الأول لأنه لم يعرف أن اسمه قد تبدل، فغضب عليه غاير خان وعلى من معه وطمع فيما لديهم من الأموال، فأرسل إلى خوارزمشاه يقول له: ورد على ثغرنا من أطراف مملكة جنكز خان جواسيس بزيّ التجار.
فأمره بقتلهم، فقتلهم جميعا وكانوا مسلمين ولم يسلم منهم سوى واحد عاد إلى جنكز خان وأخبره بالحال، فأرسل جنكز خان يطلب من خوارزمشاه غاير خان ليقتصّ منه فقتل خوارزمشاه الرسول.
ولما علم بذلك جنكز اشتد غضبه وعزم على قصد خوارزمشاه فخرج أولا إلى فضاء واسع وصعد على تلّ وكشف رأسه ووضع خده على التراب وتضرع إلى الله تعالى وطلب منه النصر على خوارزمشاه. فعل ذلك مدة ثلاثة أيام حتى سمع صوت هاتف يبشره بنيل مراده. وهكذا كان دأبه كلما عزم على أمر يهمه. ولهذا يقول بعضهم إن جنكز كان مقرا بوجود الباري تعالى. ثم إن جنكز خان مشى على بلاد الإسلام واستولى على جنديسابور وأندر كان وبخارى وغيرها من بلاد فارس وتركستان، وأزال مملكة خوارزمشاه وشتّت شمله، فمات شرّ ميتة، وقتل وسبى وعظمت بليّته على الإسلام حتى قال بعضهم: ما دهي الإسلام بداهية أعظم منها. وذكر بعضهم أن جملة من قتل جنكز خان وولده هولاكو من المسلمين سبعة عشر ألف ألف نسمة.
ولما مات جنكز خان قام بعده حفيده هولاكو بن تولي خان بن جنكز خان واستولى على العراقين، وقوّض «١» الخلافة العباسية ببغداد، وملك الموصل وديار بكر والجزيرة والشام وغير ذلك من البلاد.
وذكر بعضهم لقيام جنكز خان على بلاد الإسلام، وتسلطه على خوارزمشاه وبلاده، سببا آخر روحانيا. وهو أن المولى بهاء الدين البلخي- والد المولى جلال الدين الرومي صاحب كتاب المثنوي «٢» - كان ابن أخت السلطان خوارزمشاه، وكان مريدوه وأتباعه