في صكوكه: خالعت فلانة زوجها فلانا، ولا أن يقول في متولّ: عزل لأجل خيانة.
وكان شياطينه يتعقبون له هكذا ألفاظ، حتى في كتب الدين، وقد أمر مرة بأن يطبع كتاب صحيح مسلم، طبعا متقنا، فنفذ أمره، وبعد أن تم طبع الكتاب، أخبره بعض شياطينه بوجود حديث الإمامة فيه، وهو «الأئمّة من قريش» فأمر في الحال، بجمع نسخه، وإحراقها، وأن يعاد طبعه بعد حذف هذا الحديث منه «١» . وهذا هو المراد من قول شيخ الإسلام في الفتوى السابقة الذكر:«وأخرج من الكتب الشرعية بعض المسائل المهمّة» إلى آخره. وكان يبعثر أموال الدولة ويصرفها على كبار جواسيسه، وإعمار القصور في بلاطه المعروف باسم «يلديز» ، الذي لا يجسر أحد أن يلفظ به، حتى ولا بكلمة «نجم» التي هي ترجمته، ولا بكلمة «مراد» ، ومن كان مسمّى بهذا الاسم، فعليه أن يمسخه ويحرّفه حين يلفظ به- أو حين يكتبه- إلى «مرات» . وأغرب من هذا، أن البقل المسمى بالحرف، المعروف عند الحلبيين بالرشاد، قد طووا اسمه المشهور عندهم، وصاروا يشيرون إليه بقولهم:«أخو المقدونس» .
واتفق لي مرة- حينما كنت رئيس كتاب المحكمة الشرعية- أني أعطيت حجة شرعية في مخالعة جرت بين رجل وزوجته، فأرسل الرجل الحجة إلى المشيخة الإسلامية لأجل التدقيق فلم أشعر إلا والحجة قد أعيدت إليّ ومعها كتاب من شيخ الإسلام يقول فيه ما معناه: يعمل بمضمون هذه الحجة بعد إجراء بعض الإصلاح عليها. فأخذت الحجة وقرأتها بكل تدقيق وإمعان فلم يظهر لي فيها خلل من جهة ما فحرت في أمري ثم عدت إلى تصفحها وبذلت جهد المستطيع بتدقيقها، إذ بصرت بعض الكلمات منها قد سحب فوقها خط بالحمرة ضئيل جدا ربما كان أدق من الشعرة فعلمت حينئذ أن المراد من الخلل هو وجود تلك الكلمات فإذا هي كلمة:«خلعت، وخلعها، ومخالعة» ، وباقي ما يتفرع عن هذه الكلمة. فاضطررت آنئذ أن أعيد كتابة الحجة من جديد مع قيدها في السجل وأستبدل لفظة «المخالعة» ، وما تصرف منها، بكلمة «المبارأة» ، وما تصرف منها.