في مروج الذهب أيضا في الكلام على الهياكل أن في أنطاكية هيكل يعرف بالديماس على يمين مسجدها الجامع مبني»
بالآجر العادي والحجر عظيم البنيان. وفي كل سنة يدخل القمر عند طلوعه من باب من أبوابه من أعاليه في بعض الأهلة الصيفية. وقد ذكر أن هذا الديماس من بناء الفرس حين ملكت أنطاكية وأنه بيت نار لها. اه.
والنصارى يسمون أنطاكية مدينة الله ومدينة الملك وأم المدن لأن بها كان مبدأ ظهور النصرانية وبها كان كرسي البطريرك الأعظم وكان بأنطاكية كنيسة بربارة وبها كنيسة أخرى تدعى شمونيت ولها عيد معظم عند المسيحيين. وكذلك كان بها كنيسة لبولس تعرف بدير البراغيث وهو مما يلي باب فارس وكان بها كنيسة لمريم العذراء صلوات الله عليها وهي مدورة وبنيانها من إحدى عجائب الدنيا في التشييد والرفعة اقتلع منها الوليد أعمدة عجيبة من المرمر والرخام إلى مسجد دمشق حملت في البحر إلى ساحل دمشق وبقيت فيه وكان قسطنطين ابتنى بأنطاكية هيكلا ذا ثمان زوايا على اسم السيد مريم، وابتنى في مدينة بعلبك بيعة أخرى. وهو الذي ابتنى كنيسة القسيان في أنطاكية أيضا. وكان يرسل إليها في كل سنة ستة وثلاثين ألف مدّ «٢» من القمح ولما زلزلت أنطاكية سنة ٥٢٦ وسنة ٥٢٧ مسيحية هلك تحت الردم أربعة آلاف وثمانمائة وسبعون رجلا وكل الذين تبقوا من هذا الردم هربوا ومضوا إلى أماكن أخرى. ثم أشار على أهل المدينة رجل عابد بأن يكتبوا على أبواب بيوتهم بلغتهم ما معناه (المسيح معنا) وأن يسموا المدينة مدينة الله.
ولما فتحها سابور الفارسي أمر فصورت له على ما هي عليه من الشوارع والبيوت ومواقعها ومناظرها وعدد منازلها وعلوها وسفلها وبعث بالصورة إلى خليفته بالمدائن وأمره أن يبني له مدينة على صورتها ووصفها حتى لا يكون بينها وبين أنطاكية في منظر العين فرق. فبنيت المدينة وسماها أنطاكية ونقل إليها أهل أنطاكية حتى يسكنوها فلما صاروا إليها ودخلوا من باب المدينة مضى كل أهل بيت منهم إلى شبه منزله كأنهم خربوا من أنطاكية وعادوا إليها.