وفي أنطاكية عدة مقامات عالية منها قبر حبيب النجار المذكور في سورة ياسين على قول. وقبر عون بن أرميا النبي. وفي الحديث مرفوعا أن فيها التوراة وعصا «١» موسى ورضراض الألواح من مائدة سليمان بن داود عليهما السلام ومحبرة إدريس ومنطفة شعيب وبرد نوح. ويقال إنه كان في كنيسة القسيان منها كف يحيى عليه السلام.
ولمدينة أنطاكية أخبار طوال في الحروب وأحاديث عن رجالها يطول شرحها وقد أضربنا «٢» الصفح عنها اكتفاء بما لخصناه منها في باب الحوادث وخشية من التطويل الممل.
وهنا نورد حكاية عن صاعقة حكاها ياقوت عن ابن بطلان ذكر أنها سقطت على أنطاكية وفعلت أمورا غريبة. وقد اخترنا إثباتها ليطلع القارئ على ما في عجائب القدرة وما أودعه الله من القوة الغريبة في الصاعقة. قال في آخر سنة ١٣٦٣ للاسكندر الواقعة في سنة ٤٤٢ للهجرة تكاثرت الأمطار وتواصلت أكثر أيام نيسان وحدث في الليلة التي صبيحتها يوم السبت الثالث عشر من نيسان رعد وبرق أكثر مما ألف وعهد وسمع في جملة «٣» أصوات رعد كثيرة مهولة أزعجت النفوس ووقعت في الحال صاعقة على صدفة مخبأة «٤» في المذبح الذي للقسيان ففلقت من وجه النسرانية قطعة تشاكل ما قد نحت بالفاس والحديد الذي تنحت به الحجارة وسقط صليب حديد كان منصوبا على علو هذه الصدفة وبقي في المكان الذي سقط فيه وانقطع من الصدفة أيضا قطعة يسيرة ونزلت الصاعقة من منفذ في الصدفة وتنزل فيه «٥» إلى سلسلة فضة غليظة يعلق فيها الثميوطون وسعة هذا المنفذ أصبعان فتقطعت السلسلة قطعا كثيرة وانسبك بعضها ووجد ما انسبك منها ملقى على وجه الأرض وسقط تاج فضة كان معلقا بين يدي مائدة المذبح.
وكان من وراء المائدة في غربيها ثلاثة كراس خشبية مربعة مرتفعة ينصب عليها ثلاثة صلبان كبار فضة مذهبة مرصعة، وقلع قبل تلك الليلة الصليبان «٦» الطرفيّان ورفعا إلى