أقسمت ما قول الرضيّ بمرتضى ... في الموضعين وقد يزلّ العاقل
أبمثل ذا يرثى كفور صابىء ... وبمثل ذا يرثى الإمام العادل
قلت: ولو اطّلع ابن الوردي على ما أوردناه من الزيادة لما اعترض على الرضي. قيل إن بني أمية خافوا إن امتدت أيام عمر بن عبد العزيز أن يخرج الأمر عنهم إلى من يصلح فسمّوه. وكان عمر متحريا سنة الخلفاء الراشدين حتى عده الإمام الشافعي وغيره منهم.
ولما ولي الخلافة أبطل سب علي رضي الله عنه على المنابر وكتب إلى نوابه بإبطاله. ولما خطب يوم الجمعة أبدل السب في الخطبة بقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ...
إلى آخر الآية. فاستمر الخطباء على قراءتها إلى يومنا هذا. وفي ذلك يقول كثير:
وليت فلم تشتم عليا ولم تخف ... بريا ولم تتبع سجيّة مجرم
وصدّقت بالفعل المقال مع الذي ... أتيت فأمسى راضيا كلّ مسلم
هذان البيتان من قصيدة لها قصة لطيفة نوردها على طريق الفكاهة، وهي أن حماد الرواية «١» قال: قال لي كثير عزة ألا أخبرك عما دعاني إلى ترك الشعر. قلت: نعم.
قال: شخصت أنا والأحوص ونصيب إلى عمر بن عبد العزيز وكل واحد منا يدل عليه بسابقة وإخاء قديم ونحن لا نشك أنا سيشركنا في خلافته فلما رفعت لنا أعلام خناصرة لقينا مسلمة بن عبد الملك وهو يومئذ فتى العرب فسلّمنا فردّ ثم قال: أما بلغكم أن إمامكم لا يقبل الشعر. قلنا ما توضّح لنا خبر حتى انتهينا إليك. ووجمنا وجمة عرف ذلك فينا فوعدنا خيرا وقال متى رجعت إليكم منحتكم ما أنتم أهله.
فلما قدم كانت رحالنا عنده بأكرم منزل فأقمنا عنده أربعة أشهر يطلب لنا الإذن هو وغيره فلا يؤذن لنا. إلى أن قلت في جمعة من تلك الجمع: لو أني دنوت من عمر فسمعت كلامه فحفظته كان ذلك رأيا. ففعلت فكان مما حفظت من كلامه: (لكل سفر زاد لا محالة فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة بالتقوى وكونوا كمن عاين ما أعد الله له من ثوابه أو عقابه فترغبوا أو ترهبوا ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو «٢» قلوبكم