وحارم وما قرب منهما. وموقعه في غربي حلب ويبعد مركزه عنها وهو حارم ست عشرة ساعة وتشتمل حارم على دار حكومة وجامع وبضعة وعشرين دكانا وثلاثة مقاهي وثلاثة طواحين.
قال ياقوت في معجم البلدان: ولفظة حارم إن كانت عربية فهي مشتقة من الحرمان لحصانتها في وقت عمرانها كأنها يحرمها العدو، أو من الحريم كأنها تكون لمن فيها حرما.
ويرجح الثاني ما حكاه عنها ابن الشحنة حيث قال في الكلام عليها: وكانت قبل الفتح سيرة «١» وهي الحظيرة التي تحوط بالمواشي ودامت على ذلك في صدر الإسلام إلى أن ملكت الروم أنطاكية سنة ٣٥٨ فبنوها حصنا لتحمي مواشيهم من غارات العرب ثم صاروا يزيدون فيه ويوسعونه ويشيدونه حتى صار مقطعا من صاحب أنطاكية لفارس من الروم يسمي المارويز فبنى فيه قلعة ووضع عليها علما له وبقي كذلك إلى سنة ٦٣٠ ولم يغيره أحد من ملوك المسلمين الذين يتولون «٢» على هذا الحصن. فقصده الملك العزيز بن الملك الظاهر وأمر بإزالة ذلك العلم وجدد فيه حصنا منيعا بعضه على جبل وبعضه على رصيف مبني بالحجر والكلس وجميع بنائه عقود وفي وسطه عين جارية تفيض إلى الخندق ثم تتفرع «٣» إلى الأرباض.
واستمرت حارم بأيدي الروم إلى سنة ٤٧٧ وفيها استولى عليها سليمان بن قتلمش وقد استولى على أنطاكية وغيرها وبقيت في أيدي المسلمين إلى سنة ٤٩١ وفيها ملك الفرنج أنطاكية وحارم وغيرهما وزادوا في تحصينها وجعلوها ملجأ لهم إذا شنوا الغارات ولم تزل في أيديهم إلى سنة ٥٥٩ وفيها أخذها نور الدين منهم بعد حرب مهولة وأقطعها لرصيفه مجد الدين أبي بكر بن الداية ولما آلت للملك الصالح بن نور الدين أقطعها لسعد الدين كمشتكمين مدبر دولته ثم قتل سعد الدين فقصدها الفرنج طمعا بقلة حاميتها وحاصروها أربعة أشهر ثم صالحهم الملك الصالح على مال ورحلوا عنها.
وكان من بها قد امتنعوا على الملك الصالح بعد قتل كمشتكين فأرسل إليهم الملك الصالح جيشا شدد عليها الحصار بعد رحيل الفرنج فسلموها إليه فاستناب بها مملوكا كان لأبيه