اسمه سرخك فلما كانت سنة ٥٧٩ قصدها صلاح الدين بعد فتح حلب وبها المملوك المذكور فراسله صلاح الدين أن يسلمها إليه ويعطيه عوضها ما شاء. فجار في الطلب وقصد مراسلة الفرنج فخاف أصحابه أن تصير القلعة بيد الفرنج فقبضوا عليه وأرسلوا إلى صلاح الدين يطلبون الأمان فأجابهم وتسلم القلعة ورتب بها بعض خواصه ثم صارت بعد صلاح الدين لولده الملك الظاهر فاهتم بشأنها وحصن قلعتها واسمه مكتوب على بابها وكان حصنها القديم مثلث الشكل فغيره الملك الظاهر وجعله مدورا وبنى أبراجه مربعة.
وفي سنة (٦٥٧) استولى هولاكو على البلاد وأخذ حارم وقتل جميع من فيها حتى البهائم خنقا وأخربها عن آخرها. وكانت المدينة في أيام الملك الظاهر يحل بها نواب عن الأمراء الأسفهسلارية العظماء الكبراء وكان لها عمل «١» يستخرج منه في تلك الأيام ما يصرف في حقوق ألف فارس خارجا عن قصبة البلد «٢» فإنه كان يستخرج منها خمسمائة ألف درهم وبعد أن خرّبها هولاكو ورحل عنها عادت لأيدي المسلمين إلا أنها أخذت في الخراب والاضمحلال ولم يبق منها سوى أطلال خافية ورسوم بالية.
ولما كانت سنة ١٢٤٣ لجأ إليها الأخوة الثلاثة أجداد آل البرمدا الآتي ذكر أسرتهم فأقاموا فيها تحت المضارب. ثم في سنة ١٢٤٧ بدأت هذه الأسرة ببناء مساكن لهم في حارم. ومن ذلك التاريخ أخذت بالعمار. وفي سنة ١٢٨٥ جعلت الريحانية مركز قائمقام وبعد بضع سنوات نقل مركزه إلى حارم فزاد عمرانها حتى بلغت عدة بيوتها وسكانها ما رسمناه في جدول قضائها.
ثم في شهر شوال سنة (١٣١٢) أنهت حكومة حلب إلى الباب العالي بما ملخصه أن حارم رديئة المناخ ضيقة المساكن والرحاب لا تصلح لجمع العساكر النظامية والرديف ولا يخلو المستخدمون بحكومتها من الأمراض في أكثر الأوقات فلو نقل مركز قائم مقاميتها إلى كفر تخاريم لكان أحسن. وقد زين للحكومة بهذا الإنهاء جماعة من أهل الثراء في كفر تخاريم ووعدوا الحكومة إذا نقل مركز القضاء إلى قريتهم بأن يتبرعوا ببناء سراي للحكومة ومستودع للرديف لا تقل نفقتهما عن أربعة آلاف ليرة فرجع الجواب النقل فنقل المركز