لها تل عليه دير يقال له دير حبيب ومن أسفل هذا التل كان يؤخذ التراب الذي تصنع منه الكيزان في الباب.
وبهذا الوادي مواضع نزهة كثيرة المياه والأشجار منها تادف وأبو طلطل ونهر الذهب الذي ينتهي إلى سبخة الجبول يبتدئ من عيون في بزاعا ثم ثمده في الباب عيون أخرى تجري في أقنية سريانية قديمة فيعظم ماؤه وتسقى منه بساتين الباب وغيرها ثم يمر من تادف وأبي طلطل.
وفي كتاب رحلة قورش لمؤلفه (كزانفون) المؤرخ اليوناني أن اسم هذا النهر وردات.
اه. وبعد أن يمر هذا النهر من تادف تمده عيون أخرى بالوادي إلى أن يجتمع بالجبول وتأتي إليه عيون أخرى من نقرة بني أسد فيصير نهرا عظيما تدوره به الأرحاء ثم يجتمع ماؤه في الشتاء إلى سبخة الجبّول لاستغناء الناس عن السقي شتاء فلا يزال الماء في السبخة إلى زمن الصيف فيهب عليه الهواء الغربي فيجف الماء شيئا فشيئا ويرسل الملح فتمتار منه البلاد. وفي تادف يقول أبو عبد الله القيسراني:
ما زلت أخدع عن دمشق صبابتي بالغوطتين
حتى مررت بتادف فكأنني بالنيربين
ورأيت ما قد كنت آمله بأشواقي بعيني «١»
وكانت الباب فيما تقدم في صدر الإسلام كالربض لبزاعا وكانت بزاعا حصنا منيعا ولم تزل الباب في أيدي المسلمين منذ الفتح يتولاه من تولى حلب إلى أن صارت في يد شبل الدولة بن جامع من قبل بني مرداس. ثم غلب عليها تاج الدولة تتش وقتل جميع من فيه سنة (٤٧٠) مع ما غلب عليه من الحصون المجاورة له لما قدم من خراسان قاصدا بلاد الشام ثم خرج من البلاد فاسترجعها بنو مرداس ولم تزل بأيديهم إلى أن ملك عماد الدين زنكي حلب وأعمالها فكانت الباب في يده وولى عليها رجلا من قبله ثم نزل عليها ملك الروم سنة ٥٣٢ يوم عيد النصارى وحاصرها حتى ملكها وأسر من فيها ثم رحل عنها وترك فيها واليا يحفظها مع جماعة فعاد إليها عماد الدين وحاصرها حتى ملكها يوم الثلاثاء تاسع عشر المحرم سنة ٥٣٣ ومن ذلك اليوم لم تبرح من أيدي المسلمين.