يكون المراد بها الأعمدة المغروسة في سفحها المفروش بالرخام تقوية للتراب وسندا للرخام المفروش وعددها لا يزيد على خمسمائة. وكان للقلعة بابان أحدهما من حديد دون الآخر وفي وسطها بئر ينزل إليها بمائة وخمس وعشرين دركة «١» مهندمة تحت الأرض وقد جرفت جروفا وصيرت أزواجا ينفذ بعضها إلى بعض إلى الماء وكان فيها دير للنصارى وكان به امرأة قد سد عليها الباب منذ سبع عشرة سنة ثم ينحدر السور من جانبي هذه القلعة إلى البلد وقيل إنه لما فتح كسرى حلب وبنى سورها كما قدمناه بنى في القلعة مواضع، ولما فتح أبو عبيدة حلب كانت قلعتها مرممة بعد زلزلة أصابتها قبل الفتح فأخربت أسوار البلدة وقلعتها ولم يكن ترميمها محكما فنقض ذلك وبناه، وكذلك لبني أمية ولبني العباس فيها آثار (هي الآن غير معلومة) .
ولما استولى نيقفور ملك الروم على حلب سنة ٣٥١ هـ كما قدمناه امتنعت القلعة عليه وكان قد اعتصم بها جماعة من العلويين والهاشميين فحمتهم ولم يكن لها يومئذ سور عامر إنما كانوا يتقون سهام العدو بالأكف والبراذع «٢» .
ثم لما أقلع نيقفور اهتم الملوك بعمارتها وتحصينها فبنى سيف الدولة منها بعض أسوار ثم أكملها بعده ولده سعد الدولة وسكنها، ثم عصي فيها فتح القلعي على مولاه ابن مرتضى الدولة لؤلؤ وسلمها إلى نواب الحاكم فعصي فيها عزيز الدولة فاتك على الحاكم وقتل بالمركز وكان قصره الذي ينسب إليه خانقاه القصر متصلا بالقلعة والحمام المعروف بحمام القصر إلى جانبه، فخرب القصر بعد ذلك تحصينا للقلعة وصار الخندق موضعه وكان هذا الحمام ديرا في أيام الظاهر غازي فهدمه وجعله مطبخا. ولما قتل عزيز الدولة صار الظاهر وولده المستنصر يولّيان واليا بالقلعة وواليا بالمدينة. وكان بنو مرداس قد بنوا فيها دورا وجددوا أسوارا وسكنوها ومن ذلك اليوم صارت محلا لسكنى الملوك، ولما وليها عماد الدين آق سنقر وولده عماد الدين زنكي حصنوها وأثروا بها آثارا حسنة وبنى فيها طعتكين برجا من قبليها ومخزنا للذخائر وكان اسمه مكتوبا عليه وبنى فيها نور الدين محمود زنكي أبنية كثيرة وعمل فيها ميدانا وخضّره بالحشيش فسمي الميدان الأخضر، وكذلك بنى بها ولده