وضحت محاسنها ففي غسق الدجى ... يبدو لصبح جبينها إسفار
فتقر عين الشمس أن يضحي لها ... بفنائها مستوطن وقرار
صور ترى ليث العرين تجاهه ... فيها ولا يخشى سطاه صوار
وموسدين على وسائد ملكهم ... سكرا ولا خمر ولا خمّار
لا يأتلي شدو القبان رواجعا ... فيه ولا نغم ولا أوتار
هذا يعانق عوده طربا وذا ... دأبا يقبل ثغره المزمار
وهي طويلة جدا فإنه خرج من هذا إلى ذكر البركة والفوارة والرخام ثم إلى مدح الملك الظاهر. قال ابن شداد:«فاقتصرت منها على هذا ليعلم حسن هذا الدار» وبنى حولها بيوتا وحجرا وحمامات وبستانا كبيرا في صدر إيوانها فيه أنواع الأزهار والأشجار وبنى على بابها أزجا يسلك فيه إلى الدر كاوات التي قدمنا ذكرها وبنى على بابها أماكن للكتاب وكتاب الجيش.
ولما تزوج سنة ٦٠٩ هـ بضيفة خاتون ابنة عمه الملك العادل التي حكمت في حلب بعد وفاته، أسكنها الدار المذكورة فوقعت نار عقيب العرس فأحرقت جميع ما كان فيها من الفرش والمصاغ وذلك في حادي عشر جمادى الأولى من السنة المذكورة ثم جدد عمارتها وسماها دار الشخوص لكثرة زخارفها وسعتها أربعون ذراعا في مثلها. وفي أيام الملك العزيز ابنه سنة ٦٢٢ هـ وقع من القلعة عشرة أبراج مع بدناتها وكان النوء باردا وقدر ما وقع خمسمائة ذراع وهو المكان المجاور لدار العدل ووقع بعض الجسر الذي بناه أبوه فاهتم الأتابك طغرلبك بعمارتها وجمع الصناع واستشارهم فأشاروا بأن يبنى من أسفل الخندق على الجبل ويصعد بالبناء ليبقى البناء محكما فإنه متى لم يبن هكذا وقع ما يبنى عاجلا وإن قصدها عدو لم يمنعه. فرأى الأتابك أن ذلك محتاج إلى مال كثير ومدة طويلة فعدل عن هذا الرأي وقطع الأشجار من الزيتون والتوت وجعلها الأساس على التراب وبنى عليها. ولهذا لما نازلها التتار لم يتمكنوا من أخذها إلا من هذه الجهة لتمكن النقابين منها.
وفي سنة ٦٢٨ هـ بنى فيها الملك العزيز دارا إلى جانب الزردخانه «١» يستغرق وصفها