ذراعا وعدد مراقيها مائة وأربع وسبعون درجة ولما كانت ليلة الاثنين ثاني عشر شوال سنة ٥٧٥ زلزلت حلب زلزلة عظيمة هدمت أكثر دورها وأهلكت جماعة من أهلها وحركت المنارة فدفعت هلالا كان على رأسها مقدار ستمائة قدم وشققت ولما استولى التتار على حلب في عاشر صفر سنة ٦٥٨ دخل صاحب سيس إلى الجامع وقتل خلقا كثيرا وأحرق الجاني القبلية منه وأخذ الحريق قبلة وغربا إلى المدرسة الحلاوية واحترق سوق البزازين فعرف عماد الدين القزويني هولاكو ما اعتمده السيسيون من إحراق الجامع وتركهم كنائس النصارى فأمر هولاكو برفع ذلك وأطفئت النار بسبب مطر صادف وقوعه في تلك الأثناء ثم اعتنى نور الدين يوسف بن أبي بكر عبد الرحمن السلماسي الصوفي بتنظيف الجامع ودفن ما كان فيه من قتلى المسلمين في جباب كانت بالجامع للغلة في شماليه ولما مات عز الدين أحمد الكتبجي أي الكتبي خرج عن جميع ماله فقبضه أخوه وتصدق ببعضه وعمر حائط الجامع منه فأنفق عشرين ألف درهم منها ثمانية عشر لبنائه وألفان لحصره ومصابيحه ولما ملك السلطان الملك الظاهر حلب أمر بتكليس الحائط القبلي وكذا الغربي من جهة صحن الجامع وعمل له سقفا متقنا وكان المحراب الأصفر يعرف بمحراب الحنابلة والمحراب الكبير الكائن في يمين الحضرة ويسار المنبر مختصا بالشافعية والمحراب الغربي الكائن في أواخر قبلية الحنفية مختصا بالحنفية ومحراب الغربية مختصا بالمالكية وفي سنة ٩٣١ أمر القاضي عبيد الله بن محمد بن يعقوب أن يصلي الحنفي بالمحراب الكبير ثم يصلي الشافعي بعده وكان يوجد على الباب الشمالي من الجامع مارستان «١» ينسب إلى ابن خرخاز وله بوابة عظيمة وقد أغلق بابه وأدخل في الدور المجاورة له (أظنه الآن مدرسة موقوفة على إمام الأحناف بالجامع وتعرف بدار الكحالة) .
حالته الحاضرة: موقع الجامع في غربي القلعة بينها وبينه مسيرة نصف ميل تقريبا على خط مستقيم وهو عمارة عظيمة طولها من الغرب إلى الشرق مع ثخانة جدران الجهتين الخاصتين بها مائة وثلاثون ذراعا وعرضها كذلك من الجنوب إلى الشمال مائة واحد عشر ذراعا واثنا عشر قيراطا فإذا ضربت ذرع الطول والعرض ببعضهما يبلغ المجموع أربعة عشر ألفا وأربعمائة وخمسة وتسعين ذراعا مربعا ثم إن هذه العمارة لها أربعة أبواب.