أخبر الله تعالى عنهم بأنهم لما ارتكبوا هذه الفاحشة أرسل عليهم حجارة من سجيل جزاء على فعلهم واختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال. الأول أنه يعزر قاله أبو حنيفة الثاني قال الشافعي وجماعة يحد حد الزنى محصنًا بجزائه وبكرًا بجزائه الثالث قال مالك يرجم أحصن أم لم يحصن وقاله ابن المسيب والنخعي وعطاء وجماعة. أما من قال إنه يعزر فتعلق بأن هذا لم يزن وعقوية الزاني معلومة فلما كانت هذه المعصية غيرها وجب ألا يشاركها في حدها. وأما من قال إنه زنا فنحن الآن نثبته مع الشافعي رداً على أبي حنيفة الذي يجعله بمنزلة الوطء بين الفخذين فنقول قد بينا مساواته للزنا في الاسم وهي الفاحشة وهي مشاركة له في المعنى لأنه معنى محرم شرعاً مشتهى طبعاً فجاز أن يتعلق به الحد إذا كان معه إيلاج وهذا الفقه صحيح وذلك لأن الحد للزجز عن الموضع المشتهى وقد وجد ذلك المعنى كاملاً بل هذا أحرم وأفحش فكان بالعقولة أولى وأحرى فإن قيل هذا وطء في فرج لا يتعلق به إحلال ولا إحصان ولا يوجب مهرا ولا ثبوت نسب فلم يتعلق به حد قلنا هذا بيان لمذهب مالك في أن بقاء هذه المعاني فيه لا يلحقه بوطء البهيمة إنما يعظم أمره على الوطء في القبل تعظيماً يوجب عليه العقوبة فيه أحصن أو لم يحصن ألا ترى إلى عقوبة الله عليه ما أعظمها. فإن قيل عقوبة الله لا حجة فيها لوجهين: الأول: أن قوم لوط إنما عوقبوا على الكفر الثاني إن صغيرهم وكبيرهم دخل فيها فدل على خروجها عن باب الحدود فالجواب أنا نقول أما قولهم إن الله عاقبهم على الكفر فهذا غلط فإن الله أخبر أنهم كانوا على معاص فأخذهم منها بهذه ألا تسمعه يقول (أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون) قالوا له: لئن لم تنته لنفعلن بك يا لوط ففعل الله بهم قبل ذلك.=