للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نعمة المولى وهو من باب الشكر، وإن كان يرى بفتح الياء، عاد ذلك إلى الله سبحانه فإن لم يلبسها، لم يره الله لابساً، فإن لبسها رآه إذ هو تعالى يعلم المعدوم والموجود ولا يرى إلا الموجود. الأحْمر قد تقدم القول في الأبيض وقد استوفينا الكلام في الأحمر والأصفر في شرح الصحيح على وجه يشفي الصدور، جملته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الأحمر ولبْسِه. روى مجاهد عن ابن عمر (١) "أن رجلاً مرَّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثوبان أحمران فسلم فلم يردّ النبي عليه السلام" (٢). وقال جابر (٣) بن عبد الله رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ليلةٍ قمراء أضحيان (٤) وعليه حلةٌ حمراء (٥). وقال البراء: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه حلة حمراء (٦) وكلاهما صحيحان قال العلماء إنما لم يسلم على ذلك الرجل لأنه رآه مزهوا بلبسه أو لأن الثوبين كانا أحمرين بالعصفر أو بالزعفران، فكرهه لأنه مخصوص بالنساء بخلاف الصبغ الأصلي فإنه مأذون فيه ولأجل هذا الحديث الوارد من طريق مجاهد المعترض في سنده، أدخل مالك رضي الله عنه عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يلبس الثوب المصبوغ بالمشق والزعفران (٧). فنافع أثبت من مجاهد، لو استوى السند إليهما. فكيف ولم يستو لأن سنَد نافعٍ أثبت وما كان عبد الله بن عمر ليكره النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا ويستعمله. الأصفر لم يرد فيه حديث لكنّه ورد ممدَّحاً في القرآنِ. قال الله تعالى في صفة بقرة بني إسرائيل {بقرةٌ


(١) كذا في جميع النسخ ولعل الصواب عمرو كما في رواية الترمذي (٢٨٠٧) والعارضة ١٠/ ٢٥١ وأبو داود (٤٠٦٩) في كتاب اللباس ومصابيح السنة ٣/ ٢٠٠ والحاكم في المستدرك ٤/ ١٩٠.
(٢) أبو داود في كتاب اللباس باب في الحمرة (٤٠٦٩) والترمذي (٢٨٠٧) وقال حسن غريب من هذا الوجه والبغوي في مصابيح السنة ٣/ ٢٠٠ والحكم في المستدرك ٤/ ١٩٠ وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
وقال المنذري في إسناده أبو يحيى القتات وقد اختلف في اسمه فقيل عبد الرحمن بن دينار ويقال زاذان ويقال عمران ويقال مسلم ويقال زياد ويقال يزيد ويقال دينار وهو كوفي لا يحتج بحديثه وقال أبو بكر البزار وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلّا عن عبد الله بن عمرو ولا نعلم له طريقاً إلا هذا الطريق ولا نعلم رواه عن إسرائيل إلّا إسحاق بن منصور. تهذيب السنن ٦/ ٤١ ونقل الشيخ محمَّد حامد الفقي عن الحافظ في الفتح قوله وهو حديث ضعيف الإسناد وإن وقع في نسخ الترمذي إنه حسن.
(٣) كذا في جميع النسخ جابر بن عبد الله والصواب جابر بن سمرة.
(٤) ليلة إضحيان أي مضيئة مقمرة- النهاية ٣/ ٧٨.
(٥) رواه الترمذي حديث (٢٨١١) وقال حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث الأشعث وهو ابن سوار ورواه الحاكم في المستدرك ١/ ١٨٧ وصححه ووافقه الذهبي.
(٦) متفق عليه أخرجه البخاري في اللباس باب الثوب الأحمر ٧/ ١٩٧ ومسلم في الفضائل باب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث (٢٣٣٧) وأبو داود رقم ٤٠٧٢ والترمذي رقم (١٧٢٤) والنسائي ٨/ ٢٠٣.
(٧) الموطأ ٢/ ٩١١ وسنده صحيح ورواه عبد الرزاق في المصنف (١٩٩٦٨).

<<  <   >  >>