للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأعضاء الأول الكفان وليس غسلهما مشروعاً لنفسه وإنما هو للتأهب للوضوء به.

قال النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - "إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ في الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثاً فَإِنَ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ" (١)، فأمر بغسلها استظهاراً وقد كنا نقول كما قال أحمد (٢) وإسحاق (٣) إن غسلها واجب إلا أن النبيَّ، - صلى الله عليه وسلم -، أعقب الأمر الأول في الحديث بقوله فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده فعلل بالشك، والشك لا يوجب حكماً في الدين بيد أنه لما واظب عليها النبيُّ، - صلى الله عليه وسلم -، في جميع وضوئه، وبدأ بهما في كل حالة من أحواله، عدها العلماء من جملة الوضوء وحسبوها من جملة الأعضاء اقتداء بفعل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فيها ومحافظة عليها حتى قال علماؤنا: لو أن رجلاً غسل يديه ووجهه ثم عرض عليه الحدث في أثناء الوضوء وجب عليه أن يبتدىء الوضوء، واستحبوا له أن يعود إلى غسل يديه لأنهما من جملته.

العضو الثاني: الوجه. قال الله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} (٤).


= وفتح الباري: ١/ ٢٩٠، فقد قال الحافظ والذي يجمع هذا الاختلاف أن يقال اجتمع عند عبد الله بن زيد أبو حسن الأنصاري، وابنه عمرو، وابن ابنه يحيى بن عمارة بن أبي حسن فسألوه عن صفة وضوء النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وتولى السؤال منهم له عمرو بن أبي حسن فحيث نسب إليه السؤال كان على الحقيقة، ويؤيده رواية سليمان ابن بلال عند المصنف (أي البخاري) في باب الوضوء من التور، قال حدثني عمرو ابن يحيى عن أبيه قال: كان عمي، يعني عمرو بن أبي حسن، يكثر الوضوء فقال لعبد الله بن زيد أخبرني فذكره. وحيث نسب السؤال إلى أبي حسن فعلى المجاز لكونه كان الأكبر وكان حاضراً، وحيث نسب السؤال ليحى بن عمارة فعلى المجاز أيضاً لكونه ناقل الحديث وقد حضر السؤال، فتح الباري: ١/ ٢٩٠، وانظر كلام الشارح في المسالك ل ٢٤.
(١) متفق عليه فقد أخرجه البخاري في الوضوء، باب الاستجمار وتراً: ١/ ٥٢، ومسلم في الطهارة، باب كراهية غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثاً: ١/ ٢٣٣، والموطّأ: ١/ ٢١، وشرح السنة: ١/ ٤٠٦، كلهم عن أبي هريرة.
(٢) قال في كشاف القناع: فإن كان قائماً من نوم الليل الناقض للوضح فغسلهما ثلاثاً واجب تعبداً كغسل الميت لحديث إذا استيقظ أحدكم ولكون غسلهما واجباً تعبداً وجب ولو باتتا مكتوفتين أو في جراب ونحوه: كشاف القناع: ١/ ١٠٣، والمبدع: ١/ ٤٦.
وقال ابن هبيرة اتفقوا على استحباب غسل اليدين عند القيام من نوم الليل ثم اختلفوا في وجوبه فقالوا إنه غير واجب إلا أحمد في إحدى الروايتين عنه فإنه أوجبه. الإفصاح: ١/ ٧١.
(٣) وقال إسحاق: يجب غسل اليدين سواء قام من نوم الليل أو من نوم النهار، وهو قول داود ومحمد بن جرير وقالوا إذا أدخل اليد في الإناء قبل الغسل تنجس الماء.
شرح السنة: ١/ ٤٠٧.
(٤) سورة المائدة، آية ٦.

<<  <   >  >>