للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واختلف العلماء هل يتناول هذا الأمر باطن الفم والأنف أم لا؟ فذهب أحمد بن حنبل وإسحاق وغيرهما إلى وجوب (١) ذلك، وقال عامة الفقهاء لا يجب ذلك لأن الأمر إنما يتناول الظاهر دون الباطن، والعرب لا تسمي وجهاً إلا ما وقعت به المواجهة (٢)، ولكن النبيَّ، - صلى الله عليه وسلم -، واظب عليهما بالمضمضة والاستنشاق فكان ذلك مأخوذاً من فعله، وقد قال النبيُّ، - صلى الله عليه وسلم -، للأعرابي: "تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ الله تَعَالَى" (٣) فأحاله على القرآن.


(١) انظر المغني لابن قدامة: ١/ ٨٨، وتفسير القرطبي، ٦/ ٨٤، تفسير ابن كثير ٢/ ٢٥، فتح القدير للشوكاني: ٢/ ١٦.
(٢) الوجه مستقبل كل شيء، ج أوجه ووجوه، ونفس الشيء ومن الدهر أوله، ومن النجم ما بدا لك منه، ومن الكلام السبيل المقصود وسيد القوم ج وجوه كالوجيه ج وجهاء. ترتيب القاموس: ٤/ ٥٧٩.
(٣) رواه أبو داود من طريق إسحاق بن أبي طلحه عن علي بن يحيي بن خلاد، ومن طريق محمَّد بن عمرو عن علي أيضاً، ومن طريق محمَّد بن إسحاق قال حدثني علي بن يحيي، وكذلك من طريق إسماعيل بن جعفر أخبرني يحيي بن علي سنن أبي داود: ١/ ٥٣٦ - ٥٣٨، والنسَّائي من طريق إسحاق بن عبد الله: ٢/ ٢٢٥، وكذلك ابن ماجه: ١/ ١٥٦، والبيهقي في السنن الكبرى: ١/ ٤٤ ورواه الترمذي من طريق إسماعيل بن جعفر عن يحيي بن علي بن خلاد: ٢/ ١٠٠، والحاكم في المستدرك من طريق داود بن قيس. قال ثنا علي بن يحيي بالمستدرك: ١/ ٢٤٢، ونقل البيهقي: ٢/ ٣٧٣ اختلاف الرواة في إسناد الحديث ورجح بعضها، ثم ساق بسنده عن محمَّد بن عجلان عن علي بن يحيي من آل رفاعة عن أبيه عن عم له بَدْري أنه حدّثه أن رجلاً دخل المسجد فصلّى ورسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يرقبه ... إلى أن قال ورواه محمَّد بن إسحاق ابن يسار عن علي بن يحيي بن خلاد بن رافع عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع، وكذلك قاله داود بن قيس عن علي بن يحيي بن خلاد، ورواه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحه عن علي بن يحيي من رواية همام ابن يحيي عنه وقصر به حماد بن سلمة فقال عن إسحاق عن علي بن يحيي بن خلاد عن عمه، وقال محمَّد ابن عمرو عن علي بن يحيي بن خلاد عن رفاعة بن رافع، والصحيح رواية من تقدم، ووافقهم إسماعيل بن جعفر عن يحيي بن علي بن يحيي بن خلاد بن رافع الزَّوْرَقي عن أبيه رفاعة بن رافع، وقصر بعض الرواة عن إسماعيل في نسب يحيي وبعضهم في إسناده، فالقول قول من حفظ والرواية التي فكرناها موافقة للحديث الثابت عن أبي هُرَيْرَة.
أقول: الحديث فيه يحيي بن علي بن يحيي بن خلاد بن رافع الأنصاري الزورقي المدني، مقبول من السادسة، مات سنة ١٢٩/ دت س، ت ٤/ ٣٥٢ وقال في ت ت: روى عن أبيه عن جده وعنه إسماعيل بن جعفر، ذكر هذا ابن حبان في الثقات وأنه هو وجماعة أرَّخوا وفاته سنة ١٢٩ ت ت ١١/ ٢٥٩، وقال في ١١/ ٢٠٤ في ترجمة يحيي بن خلاد قيل إنه وُلِدَ على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، روى عن رفاعة بن رافع وعمر بن الخطاب وعنه ابنه علي بن يحيي وابن يحيي بن علي إن كان محفوظاً، ذكره ابن حبان في الثقات وقال أبو بكر بن أبي عاصم مات سنة ١٢٨، وقال الراقدي ١٢٩، فإن صح هذا وأنه ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد بلغ ١٢٠ سنة أو أكثر , قلت: هذه النتيجة الفاسده من تلك المقدمه الباطله وذلك أن ابن أبي عاصم إنما أرَّخ =

<<  <   >  >>