للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العضو الثالث: اليدان، وقد ذكرهما الله عَزَّ وَجَلَّ في كتابه وحدهما بتحديده فقال: {إِلَى الْمَرَافِقِ}. واختلف الناس في دخول المرافق في التحديد وأطالوا في ذلك الكلام وما فهم أحد مقطع المسألة إلا القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب (١) فإنه قال: إن قوله تعالى: {إِلَى الْمَرَافِقِ} حد للمتروك من اليدين لا المغسول منهما وبذلك تدخل المرافق في الغسل (٢).

العضو الرابع: الرأس، وهو رأس في مسائل الوضوء اختلف العلماء في تقدير مسحه على أحد عشر قولاً: ثلاثة لأبي حنيفة (٣)، وقولان للشافعي (٤)، وستة أقوال لعلمائنا، والصحيح منها واحد (٥) وهو وجوب تعميمه لأن الله، عز وجل، لما قال: {فَاغْسِلُوا


= وفاة يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد في السنة المذكورة، وأما جده صاحب الترجمة فلم يتعرض له وكذلك الواقدي.
درجة الحديث: حسنّه الترمذي ولعل ذلك بناء على أن له شاهداً من حديث أبي هريرة متفق عليه، البخاري في صفة الصلاة، باب أمر النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، الذي لا يتم ركوعه بالإعادة: ٢/ ٢٢٩، ومسلم في الصلاة باب وجوب قراءة الفاتحة: ١/ ٢٩٨.
(١) عبد الوهاب: ٣٦٢ - ٤٢٢ هـ.
وهو ابن علي بن نصر البغدادي، أبو محمَّد، قاضٍ من فقهاء المالكية، ولد ببغداد وولِّي القضاء بالعراق وتوجه إلى مصر فعلت شهرته وتوفي فيها. الديباج ٢/ ٢٦، شجرة النور الزكية ١/ ١٠٣ - ١٠٤ ترتيب المدارك: ٤/ ٦٩١، تاريخ بغداد: ١١/ ٣١، فوات الوفيات: ٢/ ٢١، طبقات الفقهاء للشيرازي: ١٦٨، حسن المحاضرة ١/ ٣١٤.
(٢) قال القاضي عبد الوهاب: إدخال المرفقين في غسل اليدين واجب خلافاً لزفر وغيره, لأنه، عليه السلام، كان إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه ولأنه عضو مغسول كالعينين، الإشراف على مسائل الخلاف: ١/ ٨.
(٣) قال ابن العربي في الأحكام: قال أبو حنيفة بمسح الناصية، وأن الفرض أن يمسح الربع الرواية الثالثة له لا يجزيه إلا أن يمسح الناصية بثلاث أصابع أوأربع، الأحكام: ٢/ ٥٦٦.
(٤) قال الشافعي: إنه إن مسح منه شعرة واحدة أجزأه الثاني ثلاث شعرات، الثالث ما يقع عليه الاسم (وانظر أحكام القرآن للكيا الهراسي: ٣/ ٨٥)، وقال مالك بمسح الجميع، القول الثاني إن ترك اليسير من غير قصد أجزأه الثالث إن ترك الثالث أجزأه الرابع، وإن مسح ثلثه أجزأه الخامس، إن مسح مقدمه أجزأه.
الأحكام: ٢/ ٥٦٦، وقد رجح مسح الكل بعدة مرجحات توجد هناك.
(٥) قال القاضي عبد الوهاب والفرض من الرأس إيعابه خلافاً لأبي حنفية والشافعي لقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}، والحكم إذا علق باسم وجب استيفاء ما يتناوله، كل رغيفاً وأعطِ درهماً، ولأن الصيغة عموم بدليل حسن تقدير الاستثناء فيه ودخول التخصيص عليه وتم تأكيده بألفاظ العموم، ولأنه عضو ورد الظاهر به مطلقاً من غير تحديد فأشبه الوجه، ولأنه عضو من أعضاء الوضوء فلم يتعلق فرضه بأقل ما يقع عليه الاسم أو بالربع كسائر الأعضاء، ولأنه لو كان له أصل في الوضوء لكان التيمم أولى به ولأنه عضو يعتد بمباشرته في المسح فوجب إيعابه كالوجه في التيمم، الإشراف على مسائل الخلاف: ١/ ٨.

<<  <   >  >>