وحكى الخطابي عن أبي عبيد بن حربُوية إنه قال: هو مختص بالسفر في الموضع الذي لا يؤمن فيه الرجل على نفسه فأما في الحضر والعمارة فلا بأس وحكى عياض نحوه ولفظه قيل إن المراد بهذا الحديث السفر والمواضع التي لا يؤمن فيها الرجل رفيقه أو لا يعرفه أو لا يثق به ويخشي منه، قال: وقد روي في ذلك أثر وأشار إلى ما أخرجه أحمد من طريق أبي سالم الجيشاني عن عبد الله بن عمرو أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: (ولا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة أن يتناجى اثنان دون صاحبهما) الحديث. وفي سنده ابن لهيعة وعلى تقدير ثبوته فتقييده بأرض الفلاة يتعلق بإحدى علتي النهي، قال الخطابي: إنما قال يحزنه لأنه إما أن يتوهم أن نجواهما إنما هي لسوء رأيهما فيه أو أنهما يتفقان على غائلة تحصل له منهما، قال الحافظ: قال عياض: قيل كان هذا في أول الإِسلام فلما فشا الإِسلام وأمن الناس سقط هذا الحكم وتعقبه القرطبي بأن هذا تحكم وتخصيص لا دليل عليه وقال ابن العربي (أي الشارح) الخبر عام اللفظ والمعنى والعلة الحزن وهي موجودة في السفر والحضر فوجب أن يعمهما النهي جميعًا. فتح الباري ١١/ ٨٤ - ٨٥ وانظر القرطبي ٤/ ٥٧ وشرح النووي على مسلم ١٤/ ١٦٧. (٢) متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجي اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن يحزنه) البخاري في الاستئذان باب إذاكانوا أكثر من ثلاثة فلا بأس بالمسارة والمناجاة ٨/ ٨٠ ومسلم في كتاب السلام باب تحريم مناجاة الاثنين دون الثالث بيغير رضاه (٢١٨٤). (٣) الموطأ ٢/ ٩٨٨ مالك عن عبد الله بن دينار قال: كنت أنا وعبد الله بن عمر عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق فجاء رجل يريد أن يناجيه وليس مع عبد الله بن عمر غيري وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه فدعا عبد الله بن عمر رجلًا أخر حتى كنا أربعة فقال للرجل الذي دعاه: استأخر شيئًا فإني سمعت رسول- صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا يتناجي اثنان دون واحد). وأخرجه أبو داود (٤٨٥٢)، والبخاري في الأب المفرد (١١٧٢)، والبغوي في شرح السنة ١٣/ ٨٩.