للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاطمة محرومة، ما كان وَجب لها من حقِ في تركته، وقد كانتْ أرسلت فاطمة إلى أبي بكرِ الصديق تقول له إن متَّ ورثتك ابنتك فأعطني ميراثي في أبي. فقال لها أبو بكرٍ الصديق: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا نورث ما تركنا صدقة) (١)، وقال: "لا يقتسموا (٢) ورثتي دينارًا ولا درهمًا، ما تركتُ بعد نفقة عيالي ومؤنة عاملي فهو صدقة، ولكني أعول من كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوله (٣)، ولم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - رزق إلا مما جلبَ عليه رمحه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: مالي مما آفاءَ الله عليكم إلا الخُمس، والخُمس مردود عليكم" (٤)، ولما قال هذا أبو بكرٍ الصديق رضي الله عنه عرفته الصحابة وأذعنت له، واحتج به عمر على العباس وعلي رضي الله عنهم بحضرة أهل الشورى، وقال: أنشدكم الله ألستم تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا نورث ما تركنا صدقة)؟ قالوا: اللهم نعم (٥). وتخصّص بهذا عموم قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (٦) {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} على قولِ من يقول إن الأمر


= متفق عليه بغير هذا اللفظ. والحديث متفق عليه أخرجه البخاري في الفرائض باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (لا نورث ما تركنا صدقة) ٨/ ١٨٥، ومسلم في الجهاد باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا نورث ما تركنا فهو صدقة) حديث (١٧٥٩)، والموطأ ٢/ ٩٩٣ من حديث عائشة أن فاطمة والعباس عليهما السلام أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك وسهمهما من خيبر فقال لهما أبو بكر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا نورث ما تركنا صدقة) لفظ البخاري.
(١) رواه الترمذي في كتاب السير ما جاء في تركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث (١٦٠٨) وقال حسن غريب من هذا الوجه إنما أسنده حماد بن سلمة وعبد الوهاب بن عطاء عن محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة وسألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: لا أعلم أحدًا رواه عن محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة إلا حماد بن سلمة وروى عبد الوهاب بن عطاء عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة وعن أبي هريرة نحو رواية حماد بن سلمة. الترمذي ٤/ ١٥٧.
(٢) في م لا تقسم وهي لفظ الحديث.
(٣) متفق عليه أخرجه البخاري في الفرائض باب قول - صلى الله عليه وسلم - لا نورث ما تركنا صدقة ٨/ ١٨٦، ومسلم في الجهاد باب قول النبي- صلى الله عليه وسلم - لا نورث ما تركنا صدقة (١٧٦٠)، والموطأ ٢/ ٩٩٣ من حديث أبي هريرة.
(٤) رواه أبو داود (٢٦٩٤)، وأحمد في المسند ٢/ ١٨٤ من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(٥) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين ٩/ ١٢١ وفي فرض الخمس ٤/ ٩٦، وفي الفرائض باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نورث ما تركنا صدقة ٨/ ١٨٥، ومسلم في الجهاد (١٧٥٧)، وأبو داود (٢٩٦٣)، والترمذي (١٦١٠)، والنسائي (٤١٤٠)، من طريق ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان (قال) وكان محمَّد بن جبير ذكر لي ذكرًا من حديثه ذلك فانطلقت حتى أدخل على مالك بن أوس فسألته عن ذلك الحديث فقال مالك: بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار إذا رسول عمر بن الخطّاب يأتينى فقال: أجب أمير المؤمنين فانطلقت معه حتى أدخل على عمر فإذا هو جالس ... لفظ البخاري.
(٦) سورة النساء آية (١١).

<<  <   >  >>