للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مختلف المآخذ (١) متباين المباني يفتقر إلى مزيد تفهُّم واحتفال في الابتهال، سمعت أبا بكر الفِهْرِيّ بالمسجد الأقصى، طهَّره الله تعالى، يقول: خرجت من الأندلس وقد تفقَّهْتُ بالباجي (٢) ولزمته مدة ودخلت بغداد فأتيت المدرسة، وكان النائب حينئذ في إقامة التدريس بها أبا سعد (٣) المتولّي فسمعته يقول مسألة إذا تعارض أصل وظاهر بأيهما يحكم فما علمت ما يقول ولا دريت إلى ماذا يشير، ثم لزمته حتى فتح الله تعالى، وبلغ ما بلغ (٤).

الفائدة الثانية: أن لفظ الحديث، وإن كان غسل اليد فيه منوطاً بالقيام من النوم فإنه محمول على المقصود به من جولان اليد في البدن، وتصرفها في الأغراض المستكرَهة والمستقذَرة، وهذا يقتضي غسل اليد عند محاولة الوضوء سواء كان قائماً من النوم أو مقبلًا على وضوئه عن شغل لوجود العلة فيهما، وأعجب لأحمد بن حنبل، رحمه الله تعالى، مع سعة علمه، يقول: إن هذا مخصوص بنوم الليل (٥)، والقول الذي ورد على نوم الليل هو آية الوضوء (٦)، فأما الحديث المتقدم فهو مطلق.

الفائدة الثالثة: وهي بديعة، قال علماؤنا، رضي الله عنهم، في هذا الحديث أصل من أصول الشرع وهي الفرق بين أن يرد الماء على النجاسة، أو ترد النجاسة على الماء، فاقتضى هذا الحديث أن الماء إذا ورد على النجاسة أذهبها، كما أنه أفاد أيضاً أن النجاسة إذا وردت على الماء أثَّرت فيه، والملاقاة واحدة. إلا أن الشرع لما رأى أن الضرورة داعية إلى إفراغ الماء على النجاسة قصد إزالتها أُلغي حكمها:

تفسير: إذا ثبت أن النجاسة تؤثر في الماء، باتفاق من العلماء، فإنهم اختلفوا في


(١) في "م" المأخذ.
(٢) الباجي ٤٠٣ - ٤٧٤ هـ.
سليمان بن خلف التجببي القرطبي، أبو الوليد الباجي، فقيه مالكي كبير من رجال الحديث. رحل إلى المشرق ٤٢٦ هـ فمكث ٣ أعوام وعاد إلى الأندلس. الديباج: ١/ ٣٧٧، الوفيات: ١/ ٢١٥، نفح الطيب: ١/ ٣٦١.
(٣) المتولي أبو سعد: ٤٢٦ - ٤٧٨ هـ.
عبد الرحمن بن مأمون النَّيْسابوري، تولّى التدريس بالمدرسة النظامية ببغداد وتوفي فيها. الأعلام: ٤/ ٩٨.
(٤) كذا في جميع النسخ، ويظهر لي أن العبارة فيها نقص.
(٥) قال ابن قدامة روي عن أحمد وجوبه. المغنى: ١/ ٩٨.
(٦) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [سورة المائدة آية ٦].

<<  <   >  >>