للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يمسح عليهما إلا إذا لبسهما على طهارة لقول النبيِّ، - صلى الله عليه وسلم -، في حديث المغيرة: (دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ) (١) وإن لبس خفين فليمسح على الأعلى خاصة، وقد روي أن النبيَّ، - صلى الله عليه وسلم -، أنه مسح أعلى الخف وأسفله (٢) وذلك غير لازم لأن المسح مبني على التخفيف فلا يستوفى فيه ما كان يستوفى في الأصل. والخف هو كل ساتر من جلد مخروز يكون على الرجل يمكن متابعة المشي عليه، فهذا هو الذي تتعلق به الرخصة (٣)، ويكون بدلاً عن الرجلين ولا يبالي لبس منهما واحداً أو أكثر من ذلك؛ لأن حكم الآخر حكم الأول ويعتبر في لبسهما الحاجة دون الرفاهية، فإن لبسهما للرفاهية لم يجز المسح عليهما لأن الرخص موقوفة على الحاجة تجوز بوجودها وتعدم بعدمها.


(١) متفق عليه، البخاري في كتاب الوضوء، باب المسح على الخفين: ١/ ٦٢، ومسلم في الطهارة باب المسح على الخفين: ١/ ٢٣٠.
(٢) أبو داود من طريق الوليد بن مسلم قال محمود: أخبرنا ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة قال "وَضَّأتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، في غَزْوَةِ تّبُوكَ فَمَسَحَ أَعْلَى الْخفَّيْنِ وَأَسْفَلَهُمَا".
سنن أبي داود: ١/ ١١٦ وقال: قال أبو داود: وبلغني إنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء، ورواه الترمذي: ١/ ١٦٢ وقال هذا حديث معلول لم يسنده عن ثور بن يزيد غير الوليد بن مسلم، وقال: قال أبو عيسى: وسألت أبا زرعة ومحمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقالا ليس بصحيح لأن ابن المبارك روى هذا الحديث عن ثور عن رجاء بن حيوة قال حدثت عن كاتب المغيرة مرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ورواه ابن ماجه: ١/ ١٨٢ عن وراد كاتب المغيرة، ونقل الحافظ في التلخيص: ١/ ١٦٨ عن البخاري في التاريخ الأوسط رواية أخرى متصلة فقال: ثنا محمَّد ابن الصباح ثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة بن الزبير عن المغيرة قال: رأيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، يمسح على خُفين ظاهرهما، قال البخاري: وهذا أصح من حديث رجاء عن كاتب المغيرة، ورواه الدارقطنى في السنن من نفس الطريق التي ذكر ابن حجر أن البخاري أخرجها، كما روى الطريق التي تعد مرسلة أيضاً الدارقطني في السنن: ١/ ١٩٥، وأحمد، انظر الفتح الرباني: ٢/ ٧٠، والبيهقي في السنن الكبرى: ١/ ٢٩٠، وابن الجارود في المنتقى ص ٣٨.
وقال ابن القيم: هذا حديث ضعفه الأئمة الكبار: البخاري وأبو زرعة والترمذي، وأبو داود والشافعي، ومن المتأخرين أبو محمَّد بن حزم وهو الصواب لأن الأحاديث الصحيحة كلها تخالفه .. وقد تفرد الوليد بن مسلم بإسناده ووصله وخالفه من هو أحفظ منه وأجل، وهو الإمام الثبت عبد الله بن المبارك، فرواه عن ثور عن رجاء قال حدثت عن كاتب المغيرة عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - .. وقال بعض الحفّاظ: أخطأ الوليد بن مسلم في هذا الحديث في موضعين: أحدهما أن رجاء لم يسمعه من كاتب المغيرة، وإنما قال حدثت عنه، والثاني أن ثور لم يسمعه من رجاء، وخطأ ثالث أن الصواب إرساله. ورواه الوليد معنعناً من غير تبيين. تهذيب السنن: ١/ ١٢٦، وقد رد هذه العلل أحمد شاكر، وذهب إلى أن الحديث صحيح. انظر تعليقه على سنن الترمذي: ١/ ١٦٤ والحق أنه ضعيف كما قال غيره.
(٣) انظر المنتقى: ١/ ٨٢، بداية المجتهد: ١/ ١٤.

<<  <   >  >>