للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالمُقِيمُ يَوْماً وَلَيْلَةً" (١) ثبوتاً لا شك فيه، وقد سئلت عائشة، رضي الله عنها، عن المسح على الخفين (٢) فأحالت على عليّ ابن أبي طالب، رضي الله عنه، فأسند عليّ رضيَ الله عنه، الحديث إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بالتوقيت للمسافر والمقيم كما تقدم. ومن نظر إلى مقاطع الشريعة وقرائنها لم يستبعد المسح على الخفين لما في نزعهما من المشقة، وتكلف الوضوء على الرجلين والشقة بعيدة والسير متصل، وقد قال مالك: لا توقيت على المسافر ومسحه على الخفين جائز دائماً ما لم يقع في (٣) جنابة، وهذا مأخوذ من النظر لا من الأثر، والنظر الذي اقتضى جواز المسح للمسافر، من غير توقيت، يبيحه للمقيم لأنه قد يستغرق شغله نهاره كله.

وقد يفوته بنزع الخفين من أمره مما يفوت للمسافر لو نزعهما لكنه في آخر نهاره يرجع إلى قراره ويأوي إلى سكنه فيشق عليه حبس الخفين فضلاً عن أن ينزعهما، فلأجل هذا قلنا إن الصحيح جواز المسح مؤقتاً على ما في حديث عليّ ابن أبي طالب، رضي الله عنه،


= ذلك على أنه منعه أولاً على وجه الكراهية لمَّا لم يرَ أهل المدينة يمسحون، ثم رأى الآثار فأباح المسح على الإطلاق. المنتقى: ١/ ٧٧.
وقال ابن عبد البر: لا أعلم أحداً من الصحابة جاء عنه إنكار المسح على الخفين ممن لا يختلف عليه إلا عائشة، وكذلك لا أعلم أحداً من فقهاء المسلمين روي عنه إنكار ذلك إلا مالكاً، والروايات الصحاح عنه بخلاف ذلك وموطؤه يشهد للمسح على الخفين في الحضر والسفر، وعلى ذلك جميع أصحابه وجماعة أهل السنة، وإن كان من أصحابنا من يستحبّ الغسل ويفضله على المسح من غير إنكار للمسح. الاستذكار: ١/ ٢٧٤، وقال القرطبي: أما مالك فما روي عنه من الإنكار فهو منكر لا يصح، والصحيح ما قاله عند موته لابن نافع قال: إني كنت آخذ في خاصة نفسي بالطهور ولا أرى من مسح مقصراً فيما يجب عليه، وعلى هذا حمل أحمد بن حنبل ما رواه ابن وهب عنه أنه قال: لا أمسح في حضر ولا سفر، قال أحمد. كما روي عن ابن عمر أنه أمرهم أن يمسحوا خفافهم وخلع هو وتوضأ، وقال حبيب إلى الوضوء ونحوه عن أبي أيوب قال أحمد، رضي الله عنه، فمن ترك ذلك على نحو ما تركه ابن عمر وأبو أيوب ومالك، لم ننكر عليه وصلّينا خلفه ولم نعِبْه إلا أن يترك ذلك ولا يراه كما صنع أهل البدع فلا يصلى خلفه. تفسير القرطبي: ٦/ ٩٤.
(١) تقدم قريباً في حديث علي رضي الله عنه.
(٢) مسلم في كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين: ١/ ٢٣٢.
(٣) قال في المدونة: ١/ ٤١: يمسح المسافر وليس لذلك وقت.
وقال ابن عبد البر: روي عن مالك التوقيت في المسح في رسالته إلى بعض الخلفاء وأنكر ذلك أصحابه وروي التوقيت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، من وجوه كثيرة. الاستذكار: ١/ ٢٧٧.

<<  <   >  >>